454

اعتصام

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

ایډیټر

سليم بن عيد الهلالي

خپرندوی

دار ابن عفان

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

د خپرونکي ځای

السعودية

أَبْنِيَّ لَيْتِي لَا أُحِبُّكُمْ ... وَجَدَ الْإِلَهُ بِكُمْ كَمَا أَجِدْ
وَهِيَ أَلْفَاظٌ يَفْتَقِرُ أَصْحَابُهَا إِلَى التَّعْلِيمِ، وَكَانُوا أَقْرَبَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ تُعَامِلُ الْأَصْنَامَ مُعَامَلَةَ الرَّبِّ الْوَاحِدِ سُبْحَانَهُ وَلَا تُنَزِّهُهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، فَلَمْ يُشْرِعْ لَهُمْ دُعَاءً بِهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ فِي آثَارِ الصَّلَوَاتِ دَائِمًا لِيُعَلِّمَهُمْ أَوْ يُعِينَهُمْ عَلَى التَّعَلُّمِ إِذَا صَلَّوْا مَعَهُ، بَلْ عَلَّمَ فِي مَجَالِسِ التَّعْلِيمِ، وَدَعَا لِنَفْسِهِ إِثْرَ الصَّلَاةِ حِينَ بَدَا لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِذْ ذَاكَ إِلَى النَّظَرِ لِلْجَمَاعَةِ، وَهُوَ كَانَ أَوْلَى الْخَلْقِ بِذَلِكَ.
(وَالرَّابِعُ): أَنَّ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الدُّعَاءِ تَعَاوُنًا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ.
وَهَذَا الِاجْتِمَاعُ ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ هُوَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢]، وَكَذَلِكَ فَعَلَ، وَلَوْ كَانَ الِاجْتِمَاعُ لِلدُّعَاءِ إِثْرَ الصَّلَاةِ جَهْرًا لِلْحَاضِرِينَ مِنْ بَابِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ لَكَانَ أَوَّلَ سَابِقٍ إِلَيْهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ أَصْلًا، وَلَا أَحَدٌ بَعْدَهُ، حَتَّى حَدَثَ مَا حَدَثَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بِرٌّ وَلَا تَقْوَى.
(وَالْخَامِسُ): أَنَّ عَامَّةَ النَّاسِ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، فَرُبَّمَا لَحَنَ، فَيَكُونُ اللَّحْنُ سَبَبَ عَدَمِ الْإِجَابَةِ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ فِي ذَلِكَ حِكَايَةٌ شِعْرِيَّةٌ لَا فِقْهِيَّةٌ.
وَهَذَا الِاجْتِمَاعُ إِلَى اللَّعِبِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الْجَدِّ، وَأَقْرَبُ مَا فِيهِ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الدُّعَاءِ أَنْ لَا يُلْحِنَ؛ كَمَا يَشْتَرِطُ الْإِخْلَاصَ؛

1 / 474