اعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایډیټر
سليم بن عيد الهلالي
خپرندوی
دار ابن عفان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
د خپرونکي ځای
السعودية
الْكَفَّارَةِ بَعْدَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ [المائدة: ٨٩]. . . إِلَخْ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ تَحْرِيمًا مُجَرَّدًا قَبْلَ نُزُولِ الْكَفَّارَةِ، وَأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١]: إِنَّ التَّحْرِيمَ كَانَ بِالْيَمِينِ حِينَ حَلَفَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ لَا يَشْرَبَ الْعَسَلَ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَلْ يَكُونُ قَوْلُ الرَّجُلِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: " «إِنِّي إِذَا أَصَبْتُ اللَّحْمَ انْتَشَرْتُ لِلنِّسَاءِ». . . الْحَدِيثَ؛ مِنْ قَبِيلِ التَّحْرِيمِ الثَّانِي لَا مِنَ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُحَرِّمُ الشَّيْءَ لِلضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّهُ لَيْسَ بِتَحْرِيمٍ فِي الْحَقِيقَةِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لَا يُرِيدُ بِالتَّحْرِيمِ النَّذْرَ، بَلْ يُرِيدُ بِهِ التَّوَقِّيَ، أَيْ: إِنِّي أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ، وَكَانَ هَذَا الْمَعْنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - هُوَ مَقْصُودَ الصَّحَابِيِّ ﵁.
فَالْجَوَابُ: أَنَّ مَنْ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ وَقْتَمَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا؛ يُمْكِنُهُ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ، وَالتَّارِكُ لِأَمْرٍ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ مُحَرِّمًا لَهُ، فَكَمْ مِنْ رَجُلٍ تَرَكَ الطَّعَامَ الْفُلَانِيَّ أَوِ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهُ فِي [ذَلِكَ] الْوَقْتِ لَا يَشْتَهِيهِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْذَارِ، حَتَّى إِذَا زَالَ عُذْرُهُ؛ تَنَاوُلَ مِنْهُ، وَقَدْ تَرَكَ ﵇ أَكْلَ الضَّبِّ، وَلَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ مُوجِبًا لِتَحْرِيمِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّحْرِيمِ الظَّاهِرُ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْآيَةِ، فَلَوْ كَانَ وُجُودُ مِثْلِ تِلْكَ الْأَعْذَارِ مُبِيحًا لِلتَّحْرِيمِ بِالْمَعْنَى الثَّالِثِ؛ لَوَقَعَ التَّفْصِيلُ فِي الْآيَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ حَرَّمَ لِعُذْرٍ
1 / 428