اعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایډیټر
سليم بن عيد الهلالي
خپرندوی
دار ابن عفان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
د خپرونکي ځای
السعودية
مَحْمُولٌ عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي يَشُقُّ فِيهِ الدَّوَامُ.
وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْهُمْ إِدَامَةُ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ وَقِيَامُ جَمِيعِ اللَّيْلِ، وَصِيَامُ الدَّهْرِ. . . وَنَحْوُهُ؛ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الْعَمَلِ حَالًا يَغْتَنِمُ نَشَاطَهُ، فَإِذَا أَتَى زَمَانٌ آخَرُ وَجَدَ فِيهِ النَّشَاطَ أَيْضًا وَإِذَا لَمْ يُخِلَّ بِمَا هُوَ أَوْلَى؛ عَمِلَ كَذَلِكَ، فَيَتَّفِقُ أَنْ يَدُومَ لَهُ هَذَا النَّشَاطُ زَمَانًا طَوِيلًا، وَفِي كُلِّ حَالَةٍ هُوَ فِي فُسْحَةِ التَّرْكِ، لَكِنَّهُ يَنْتَهِزُ الْفُرْصَةَ مَعَ الْأَوْقَاتِ، فَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يَصْحَبَهُ النَّشَاطُ إِلَى آخِرِ الْعُمُرِ، فَيَظُنُّهُ الظَّانُّ الْتِزَامًا وَلَيْسَ بِالْتِزَامٍ.
وَهَذَا صَحِيحٌ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ سَائِقِ الْخَوْفِ أَوْ حَادِي الرَّجَاءِ أَوْ حَامِلِ الْمَحَبَّةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ ﵇: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»، فَلِذَلِكَ «قَامَ ﵇ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ،» وَامْتَثَلَ أَمْرَ رَبِّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢]، الْآيَةَ.
(وَالثَّالِثُ): أَنَّ دُخُولَ الْمَشَقَّةِ وَعَدَمَهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الدَّوَامِ أَوْ غَيْرِهِ لَيْسَ أَمْرًا مُنْضَبِطًا، بَلْ هُوَ إِضَافِيٌّ مُخْتَلِفٌ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي قُوَّةِ أَجْسَامِهِمْ، أَوْ فِي قُوَّةِ عَزَائِمِهِمْ، أَوْ فِي قُوَّةَ يَقِينِهِمْ. . . . أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَوْصَافِ أَجْسَامِهِمْ وَأَنَفَاسِهِمْ، فَقَدْ يَخْتَلِفُ الْعَمَلُ الْوَاحِدُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَقْوَى جِسْمًا، أَوْ أَقْوَى عَزِيمَةً، أَوْ يَقِينًا بِالْمَوْعِدِ، وَالْمَشَقَّةُ قَدْ تَضْعُفُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُوَّةِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَأَشْبَاهِهَا، وَتَقْوَى مَعَ
1 / 403