357

اعتصام

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

ایډیټر

سليم بن عيد الهلالي

خپرندوی

دار ابن عفان

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

د خپرونکي ځای

السعودية

نَوَى الدَّؤُبَ عَلَيْهَا فِي الِاسْتِطَاعَةِ؛ أَشْبَهَتِ الْوَاجِبَاتِ وَالسُّنَنَ الرَّاتِبَةَ؛ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْإِيجَابُ غَيْرَ لَازِمٍ بِالشَّرْعِ؛ لَمْ يَصِرْ وَاجِبًا؛ إِذْ تَرْكُهُ أَصْلًا لَا حَرَجَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ أَعْنِي: تَرْكَ الِالْتِزَامِ، وَنَظِيرُهُ عِنْدَنَا النَّوَافِلُ الرَّاتِبَةُ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ؛ فَإِنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فِي الْأَصْلِ، وَمِنْ حَيْثُ صَارَتْ رَوَاتِبَ؛ أَشْبَهَتِ السُّنَنَ وَالْوَاجِبَاتِ.
وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حِينَ صَلَّاهُمَا فَسُئِلَ عَنْهُمَا فَقَالَ: «يَا ابْنَةَ أَبِي أُمَيَّةَ! سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ؟ أَتَى نَاسٌ مِنْ عَبَدَ الْقَيْسِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ»؛ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاتِهِ لَهُمَا بَعْدَ مَا نَهَى عَنْهُمَا، فَإِنَّهُ ﷺ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ كَالنَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ، فَإِمَّا فَاتَتَاهُ؛ صَلَّاهُمَا بَعْدَ وَقْتِهِمَا كَالْقَضَاءِ لَهُمَا حَسْبَمَا يَقْضِي الْوَاجِبُ.
فَصَارَ حِينَئِذٍ لِهَذَا النَّوْعِ حَالَةٌ مِنَ التَّطَوُّعِ بَيْنَ حَالَتَيْنِ؛ إِلَّا أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى خِيَرَةِ الْمُكَلَّفِ بِحَسَبَ مَا فَهِمْنَا مِنَ الشَّرْعِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَقَدْ فَهِمْنَا مِنْ مَقْصُودِ الشَّرْعِ أَيْضًا الْأَخْذَ بِالرِّفْقِ وَالتَّيْسِيرِ، وَأَنْ لَا يُلْزَمَ الْمُكَلَّفُ مَا لَعَلَّهُ يَعْجِزُ عَنْهُ، أَوْ يَحْرَجُ بِالْتِزَامِهِ، فَإِنْ الِالْتِزَامَ؛ إِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَبْلَغَ الْقَدْرِ الَّذِي يُكْرَهُ ابْتِدَاءً؛ فَهُوَ يَقْرُبُ مِنَ الْعَهْدِ الَّذِي يَجْعَلُهُ الْإِنْسَانُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، (وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَصَارَ الْإِخْلَالُ بِهِ مَكْرُوهًا).

1 / 377