343

اعتصام

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

پوهندوی

سليم بن عيد الهلالي

خپرندوی

دار ابن عفان

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

د خپرونکي ځای

السعودية

إِلَيْهِمْ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّكَلُّفِ وَالْمُبَاهَاةِ، وَلَمْ يَقْصَدْ بِذَلِكَ بِدْعَةً وَلَا امْتِيَازًا؛ لِفِرْقَةٍ تَخْرُجُ بِأَفْعَالِهَا وَأَقْوَالِهَا عَنِ السُّنَّةِ؛ فَلَا شَكَّ فِي اسْتِحْسَانِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي حُكْمِ الْمَأْدُبَةِ الْمَقْصُودِ بِهَا حُسْنُ الْعِشْرَةِ بَيْنَ الْجِيرَانِ وَالْإِخْوَانِ، وَالتَّوَدُّدِ بَيْنَ الْأَصْحَابِ، وَهِيَ فِي حُكْمِ الِاسْتِحْبَابِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَذَاكُرٌ فِي عِلْمٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ فَهِيَ مِنْ بَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ.
وَمِثَالُ مَا يُحْكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُنَيْفٍ؛ قَالَ: " دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْقَاضِي عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ أَيُّهَا الْقَاضِي، قَالَ: هَاهُنَا (أَحْكِي) لَكُمْ حِكَايَةً تَحْتَاجُ (أَنْ) تَكْتُبَهَا بِمَاءِ الذَّهَبِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْقَاضِي! أَمَّا الذَّهَبُ؛ فَلَا أَجِدُهُ، وَلَكِنِّي أَكْتُبُهَا بِالْحِبْرِ الْجَيِّدِ.
فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: إِنَّ الْحَارِثَ الْمُحَاسَبِيَّ يَتَكَلَّمُ فِي عُلُومِ الصُّوفِيَّةِ وَيَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالْآيِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ كَلَامَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَجْمَعُكَ مَعَهُ، فَاتَّخَذَ دَعْوَةً، وَدَعَا الْحَارِثَ وَأَصْحَابَهُ وَدَعَا أَحْمَدَ، فَجَلَسَ بِحَيْثُ يَرَى الْحَارِثَ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَتَقَدَّمَ وَصَلَّى بِهِمُ الْمَغْرِبَ، وَأَحْضَرَ الطَّعَامَ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَتَحَدَّثُ مَعَهُمْ، فَقَالَ أَحْمَدُ: هَذَا مِنَ السُّنَّةِ.
فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ وَغَسَلُوا أَيْدِيَهُمْ؛ جَلَسَ الْحَارِثُ وَجَلَسَ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْأَلَ شَيْئًا؛ فَلْيَسْأَلْ، فَسُئِلَ عَنِ الْإِخْلَاصِ، وَعَنِ الرِّيَاءِ، وَمَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، فَاسْتَشْهَدَ بِالْآيِ وَالْحَدِيثِ، وَأَحْمَدُ يَسْمَعُ لَا يُنْكِرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

1 / 362