اعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
پوهندوی
سليم بن عيد الهلالي
خپرندوی
دار ابن عفان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
د خپرونکي ځای
السعودية
مِنَ الرِّزْقِ بِالرَّأْيِ عَلَى جِهَةِ التَّشْرِيعِ، فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٠].
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى بَعْدَ تَعْزِيرِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي حَرَّمُوهَا وَهِيَ مَا فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٤]، وَقَوْلِهِ: (لَا يَهْدِي) يَعْنِي أَنَّهُ يُضِلُّهُ.
وَالْآيَاتُ الَّتِي قَرَّرَ فِيهَا حَالَ الْمُشْرِكِينَ فِي إِشْرَاكِهِمْ أَتَى فِيهَا بِذِكْرِ الضَّلَالِ; لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ أَنَّهُ خُرُوجٌ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ; لِأَنَّهُمْ وَضَعُوا آلِهَتَهُمْ لِتُقَرِّبَهُمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى فِي زَعْمِهِمْ، فَقَالُوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]، فَوَضَعُوهُمْ مَوْضِعَ مَنْ يُتَوَسَّلُ بِهِ حَتَّى عَبَدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، إِذْ كَانَ أَوَّلُ وَضْعِهَا فِيمَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ صُوَرًا لِقَوْمٍ يَوَدُّونَهُمْ وَيَتَبَرَّكُونَ بِهِمْ، ثُمَّ عُبِدَتْ، فَأَخَذَتْهَا الْعَرَبُ مِنْ غَيْرِهَا عَلَى ذَلِكَ الْقَصْدِ، وَهُوَ الضَّلَالُ الْمُبِينُ.
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [المائدة: ٧٣].
فَزَعَمُوا فِي الْإِلَهِ الْحَقِّ مَا زَعَمُوا مِنَ الْبَاطِلِ، بِنَاءً عَلَى دَلِيلٍ عِنْدَهُمْ مُتَشَابِهٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ السِّيَرِ، فَتَاهُوا بِالشُّبْهَةِ عَنِ الْحَقِّ;
1 / 182