اعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ایډیټر
سليم بن عيد الهلالي
خپرندوی
دار ابن عفان
شمېره چاپونه
الأولى
د چاپ کال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
د خپرونکي ځای
السعودية
وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ، مِنْهَا: أَنَّ عُمَرَ ﵁ لَعَنَ مَنْ سَأَلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ، وَمَا جَاءَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ، وَهِيَ صِعَابُ الْمَسَائِلِ، وَعَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَأَنَّهُ كَرِهَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ السَّلَفِ لَمْ يَكُنْ يُجِيبُ إِلَّا عَمَّا نَزَلَ مِنَ النَّوَازِلِ دُونَ مَا لَمْ يَنْزِلْ.
وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِمَا قَبْلَهُ، لِأَنَّ مَنْ قَالَ بِهِ; قَدْ مَنَعَ مِنَ الرَّأْيِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَذْمُومٍ، لِأَنَّ الْإِكْثَارَ مِنْهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الرَّأْيِ الْمَذْمُومِ، وَهُوَ تَرْكُ النَّظَرِ فِي السُّنَنِ اقْتِصَارًا عَلَى الرَّأْيِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ; اجْتَمَعَ مَعَ مَا قَبْلُهُ، فَإِنَّ مِنْ عَادَةِ الشَّرْعِ أَنَّهُ إِذَا نَهَى عَنْ شَيْءٍ وَشَدَّدَ فِيهِ; مَنَعَ مَا حَوَالَيْهِ، وَمَا دَارَ بِهِ وَرَتَعَ حَوْلَ حِمَاهُ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ ﵇: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ»، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الشَّرْعِ أَصْلُ سَدِّ الذَّرَائِعِ، وَهُوَ مَنْعُ الْجَائِزِ; لِأَنَّهُ يَجُرُّ إِلَى غَيْرِ الْجَائِزِ، وَبِحَسَبِ عِظَمِ الْمَفْسَدَةِ فِي الْمَمْنُوعِ يَكُونُ اتِّسَاعُ الْمَنْعِ فِي الذَّرِيعَةِ وَشِدَّتُهُ.
وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَدِلَّةِ يُبَيِّنُ لَكَ عِظَمَ الْمَفْسَدَةِ فِي الِابْتِدَاعِ، فَالْحَوْمُ حَوْلَ حِمَاهُ يَتَّسِعُ جِدًّا، وَلِذَلِكَ تَنَصَّلَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ جَارِيًا عَلَى الطَّرِيقَةِ، فَامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُتْيَا بِهِ قَبْلَ نُزُولِ الْمَسْأَلَةِ، وَحَكَوْا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ قَالَ:
«لَا تَعْجَلُوا بِالْبَلِيَّةِ قَبْلَ نُزُولِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَفْعَلُوا تُشَتَّتُ بِكُمُ الطُّرُقُ
1 / 138