اكرع من الحب ما يكرعه الشارب المعتدل، وإياك أن تصبح سكيرا.
إذا كانت عشيقتك أمينة مخلصة، فأحببها من أجل أمانتها وإخلاصها، وإذا لم تكن فيها هذه الصفات وكانت فتية وجميلة، فأحببها من أجل فتوتها وجمالها، وإذا لم يكن لها مزية سوى الملاحة وخفة الروح، فأحببها من أجل ذلك أيضا، وإذا لم يكن لها شيء من جميع هذه الصفات، ولها تعلقها بك؛ فلا تمنع حبك عنها، فما يجد الرجل في كل مساء امرأة تتعشقه.
وإذا ما عرفت أن لك مزاحما في حب من تهوى؛ فلا تشد ناصيتك، ولا تعلن أنك ستنتحر. إن غرورك يخدعك فيخيل إليك أن حبيبتك تخونك بالتصاقها بسواك، غير أنك إذا عكست نظريتك المكذوبة فقلت في نفسك: إن حبيبتك تخون مزاحمك بالتصاقها بك؛ فإنك لترى النصر في جنبك لا في جنبه.
إياك أن ترسم لنفسك خطة تلتزم سلوكها، فلا تقل إنك تريد حبا مطلقا لا شرك فيه؛ لأنك إذا قلت بهذا المبدأ ستضطر - وأنت إنسان متقلب بالطبع - أن تستدرك خطأك فتضيف إلى قولك كلمة: «على قدر المستطاع.»
كن راضيا بالزمان كما يجيء، وبالهواء كما يهب، وبالمرأة على ما هي عليه.
إن المرأة الإسبانية، وهي من الطراز الأول في النسوية، تحب بلا شك، فقلبها مخلص مضطرم، ولكنها تخفي خنجرا تحت أثوابها فوق هذا القلب، والإيطالية تتقد شهوة، ولكنها تفتش عن عريض المنكبين، وتقدر قدر عشيقها كما يأخذ الخياط قياس زبائنه، والإنكليزية متحمسة تستسلم للكآبة، ولكنها باردة متعجرفة، والألمانية رقيقة الشعور، ولكنها باهتة جامدة. أما الفرنساوية فإنها ظريفة رشيقة ، ولكنها أكذب من الشيطان.
لا تلق على المرأة تبعة ما هي عليه؛ لأننا نحن أوجدناها في حالتها بتشويهنا في كل سانحة ما أوجدته الطبيعة فيها، وما الطبيعة بغافلة في عملها، فإنها تعد العذراء للعشق، حتى إذا خرج الولد من أحشائها تساقط شعرها، وهبط نهدها، واحتفظ جسمها بآثار جراحه، فالمرأة لم تخلق إلا لتكون أما. ولقد يبتعد الرجل عنها بعد أن تكون أدت مهمتها، فيستفزه الجمال المفقود، ولكن طفله يتعلق بأذياله، ويشده إلى مسكنه باكيا. هذي هي الأسرة، وذلك هو الناموس الطبيعي، وما يهتدي إلى السبيل السوي من تحول عنه.
إن فضيلة أهل القرى قائمة على أن المرأة في مجتمعهم إنما هي آلة للتوليد وللإرضاع، كما أنهم هم أنفسهم آلات حرث وزرع. فليس هنالك شعور مستعارة ولا أصباغ ولا أدهان، غير أن العشق عندهم سليم من الجرب، فلا يخيل لهم أنهم في اقترانهم يكتشفون عالما جديدا، وإذا كانت نساؤهم محرومات من الحس المرهف في الشهوة؛ فإنهن سليمات من العلل، وإذا ما خشنت ملامس أيديهن؛ فإن خشونتها لم تتطرق إلى قلوبهن.
لقد ذهبت الحضارة مذاهب لا تأتلف والنظم الطبيعية، فإن العذراء الكاعب سجينة وراء الأقفال، وهي المخلوقة للشمس والهواء الطلق، ومن حقها أن تشهد مصارعة الشباب كما كانت تشهدها بنات لاسيديمونيا لترجح حرة وتحب مختارة، ولكن سجنها لا يحول دون تطرق العشق إليها، فإنها تجد الفساد في وقوفها أمام مرآتها، فيدب إليها النحول من جمودها، ويذوي في سكون الليالي جمالها المختنق متشوقا إلى الهواء، إلى أن يأتي يوم تسحب فيه من سجنها فجأة وهي لا تعرف شيئا، ولا تحب شيئا، وتشتهي كل شيء، وتتولى إحدى العجائز تعليمها بإلقاء كلمة سفيهة في أذنها، ثم تؤخذ بعد هذا الدرس لتلقى على فراش رجل مخبول يغتصبها اغتصابا.
ذلك هو الزواج، أو بالأحرى ذلك هو منشأ الأسرة المتمدينة ...
ناپیژندل شوی مخ