وعملًا، وتأليفًا، وتدريسًا، مع ما عرف به من الزهد، والعبادة، والصبر على قضاء الله وقدره مما أصابه من مرض الفالج؛ الذي استمر معه إلى وفاته طيلة عشرين عامًا، ﵀ رحمة واسعة.
بقي أن أشيرَ إلى ما ذكره الصَّفدي في ترجمته، ونقله عنه ابنُ حجر أنه: (عُقد يومًا مجلس بمشهد عثمان في أيام الأمير سيف الدين تنكز ﵀ فطلب العلماء والفقهاء، وغصّ المجلس بالأعيان، فما كان إلا أن جاء الشيخ علاء الدين ابن العطار، وقد حمله اثنان في محفَّته على عادته، فلما رآه الشيخُ كمال الدين ابن الزملكاني، وقد دخلا به، قال: أيش هذا؟ من قال لكم تأتون بهذا، ورده تنكز إلى برّا، وجلس خارج الشباك، إلا أن ابن الزملكاني لحق كلامه بأن قال: قلنا لكم تحضرون العلماء، ما قلنا لكم تحضرون الصلحاء) (١)، وعليه بني ابن حجر قوله: (ولم يكن - أي: ابن العطار - بالماهر مثل الأقران؛ الذين نبغوا في عصره، حتى إنه عقد مجلس فحضره العلماء ...) فذكر القصة.
أما ما ذكره الحافظ ابن حجر أنه لم يكن بالماهر مثل الأقران في عصره، إن كان يقصد أنه لم يكن مثل شيخه النووي في العلم، ولا مثل معاصريه كابن تيمية وابن كثير، ولم يبرز في العلم كما برز بعض تلاميذه كالذهبي، فهذا صحيح، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
أما ما صنعه ابنُ الزملكاني بابن العطار، وردّه من مشاركة مجلس العلماء بحجة أنه لم يكن من أهل العلم فهو غير مقبول، ولا يوافقه عليه منصفٌ عرف ابن العطار، ومنزلته في العلم، والظاهر أن ابن الزملكاني كان مترئسًا على المجلس، ولكون الأمير سيف الدين حاضرًا
_________
(١) أعيان العصر (٣/ ٢٤٧)، والدرر الكامنة (٣/ ٦).
1 / 38