322

ایعراب القران

إعراب القرآن لابن سيده

ژانرونه

وينبغي أن يستثنى من المواضع التي تنتصب بإضمار أن بعد الجواب بالفاء، وأنها إذا سقطت الفاء، انجزم الفعل في هذا الموضع، لأن النحويين إنما استثنوا جواب النفي فقط، فينبغي أن يستثنى هذا الموضع أيضا، لأنه لم يسمع الجزم في الفعل الواقع جوابا للو التي أشربت معنى التمني إذا حذفت الفاء. والسبب في ذلك أن كونها مشربة معنى التمني، ليس أصلها، وإنما ذلك بالحمل على حرف التمني الذي هو ليت. والجزم في جواب ليت بعد حذف الفاء، إنما هو لتضمنها معنى الشرط، أو دلالتها على كونه محذوفا بعدها، على اختلاف القولين، فصارت لو فرع فرع، فضعف ذلك فيها.g والكاف في كما: في موضع نصب، إما نعتا لمصدر محذوف، أو على الحال من ضمير المصدر المحذوف على القولين السابقين، في غير ما موضع من هذا الكتاب. وما في كما: مصدرية، التقدير: تبرؤا مثل تبرئهم، أو فنتبرأه، أي فنتبرأ التبرؤ مشابها لتبرئهم. وقال ابن عطية: الكاف من قوله: كما في موضع نصب على النعت، إما لمصدر، أو لحال، تقديرها: متبرئين. كما انتهى كلامه. أما قوله على النعت، إما لمصدر، فهو كلام واضح، وهو الإعراب المشهور في مثل هذا. وأما قوله: أو لحال، تقديرها: متبرئين كما، فغير واضح، لأنا لو صرحنا بهذه الحال، لما كان كما منصوبا على النعت لمتبرئين، لأن الكاف الداخلة على ما المصدرية هي من صفات الفعل، لا من صفات الفاعل. وإذا كان كذلك، لم ينتصب على النعت للحال، لأن الحال هنا من صفات الفاعل، ولا حاجة لتقدير هذه الحال، لأنها إذ ذاك تكون حالا مؤكدة، ولا نرتكب كون الحال مؤكدة إلا إذا كانت ملفوظا بها. أما أن تقدر حالا ونجعلها مؤكدة، فلا حاجة إلى ذلك. وأيضا فالتوكيد ينافي الحذف، لأن ما جيء به لتقوية الشيء لا يجوز حذفه أيضا. فلو صرح بهذه الحال، لما ساغ في كما إلا أن تكون نعتا لمصدر محذوف، أو حالا من الضمير المستكن في الحال المصرح بها، مثال ذلك: هم محسنون إلي كما أحسنوا إلى زيد. فكما أحسنوا ليس من صفات محسنين، إنما هو من صفات الإحسان، التقدير: على الإعراب المشهور إحسانا مثل إحسانهم إلى زيد.

{كذلك يريهم الله أعملهم حسرت عليهم}: الكاف عند بعضهم في موضع رفع، وقدروه الأمر كذلك، أو حشرهم كذلك، وهو ضعيف، لأنه يقتضي زيادة الكاف وحذف مبتدأ، وكلاهما على خلاف الأصل. والظاهر أن الكاف على بابها من التشبيه، وأن التقدير مثل إراءتهم تلك الأهوال، {يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم}، فيكون نعتا لمصدر محذوف، فيكون في موضع نصب. وجعل صاحب المنتخب ذلك من قوله: كذلك، إشارة إلى تبرؤ بعضهم من بعض. والأجود تشبيه الآراءة بالآراءة، وجوزوا في يريهم أن تكون بصرية عديت بالهمزة، فتكون حسرات منصوبا على الحال، وأن تكون قلبية، فتكون مفعولا ثالثا، قالوا: ويكون ثم حذف مضاف، أي على تفريطهم. وتحسر: يتعدى بعلى، تقول: تحسرت على كذا، فعلى هنا متعلقة بقوله: حسرات. ويحتمل أن تكون في موضع الصفة، فالعامل محذوف، أي حسرات كائنة عليهم.

{وما هم بخرجين من النار}: وجاء الخبر مصحوبا بالباء الدالة على التوكيد. وقال الزمخشري: هم بمنزلته في قوله:

هم يفرشون اللبد كل طمره

في دلالته على قوة أمرهم فيما أسند إليهم، لا على الاختصاص.

مخ ۳۵۵