314

ایعراب القران

إعراب القرآن لابن سيده

ژانرونه

{وبث فيها من كل دآبة}: إن قدرت هذه الجملة معطوفة على ما قبلها من الصلتين، احتاجت إلى ضمير يعود على الموصول، لأن الضمير في فيها عائد على الأرض وتقديره: وبث فيها من كل دابة. لكن حذف هذا الضمير، إذا كان مجرورا بالحرف، له شرط، وهو أن يدخل على الموصول، أو الموصوف بالموصول، أو المضاف إلى الموصول حرف جر، مثل ما دخل على الضمير لفظا ومعنى، وأن يتحد ما تعلق به الحرفان لفظا ومعنى، وأن لا يكون ذلك المجرور العائد على الموصول وجاره في موضع رفع، وأن لا يكون محصورا، ولا في معنى المحصور، وأن يكون متعينا للربط. وهذا الشرط مفقود هنا. قال الزمخشري: فإن قلت قوله: {وبث فيها}، عطف على أنزل أم أحيا؟ قلت: الظاهر أنه عطف على أنزل داخل تحت حكم الصلة، لأن قوله: {فأحيا به الأرض} عطف على أنزل، فاتصل به وصارا جميعا كالشيء الواحد، وكأنه قيل: وما أنزل في الأرض من ماء وبث فيها من كل دابة. ويجوز عطفه على أحيا على معنى فأحيا بالمطر الأرض وبث فيها من كل دابة، لأنهم ينمون بالخصب ويعيشون بالحياة. انتهى كلامه، ولا طائل تحته. وكيفما قدرت من تقديرية، لزم أن يكون في قوله: {وبث فيها من كل دابة} ضمير يعود على الموصول، سواء أعطفته على أنزل، أو على فأحيا، لأن كلتا الجملتين في صلة الموصول. والذي يتخرج على الآية، أنها على حذف موصول لفهم المعنى معطوف على ما من قوله: {وما أنزل}، التقدير: وما بث فيها من كل دابة، فيكون ذلك أعظم في الآيات، لأن ما بث تعالى في الأرض من كل دابة فيه آيات عظيمة في أشكالها وصفاتها وأحوالها وانتقالاتها ومضارها ومنافعها وعجائبها، وما أودع في كل شكل، شكل منها من الأسرار العجيبة ولطائف الصنعة الغريبة ، وذلك من الفيل إلى الذرة، وما أوجد تعالى في البحر من عجائب المخلوقات المباينة لأشكال البر. فمثل هذا ينبغي إفراده بالذكر، لا أنه يجعل منسوقا في ضمن شيء آخر وحذف الموصول الاسمي، غير أن عند من يذهب إلى اسميتها لفهم المعنى جائز شائع في كلام العرب، وإن كان البصريون لا يقيسونه، فقد قاسه غيرهم، قال بعض طيي:

ما الذي دأبه احتياط وحزم

وهواه أطاع مستويان

أي: والذي أطاع، وقال حسان:

أمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

أي: ومن يمدحه، وقال آخر:

فوالله ما نلتم وما نيل منكم

بمعتدل وفق ولا متقارب

يريد: ما الذي نلتم وما نيل منكم، وقد حمل على حذف الموصول قوله تعالى: {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم}(العنكبوت: 46)}، أي والذي أنزل إليكم ليطابق قوله تعالى: {والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل}(النساء: 136)}. وقد يتمشى التقدير الأول على ارتكاب حذف الضمير لفهم المعنى، وإن لم يوجد شرط جواز حذفه، وقد جاء ذلك في أشعارهم، قال:

وإن لساني شهدة يشتفى بها

وهو على من صبه الله علقم

يريد: من صبه الله عليه، وقال:

لعل الذي أصعدتني أن تردني

إلى الأرض إن لم يقدر الخير قادر

يريد: أصعدتني به. فعلى هذا القول يكون {من كل دابة} في موضع المفعول، ومن تبعيضية. وعلى مذهب الأخفش، يجوز أن تكون زائدة، وكل دابة هو نفس المفعول، وعلى حذف الموصول يكون مفعول بث محذوفا، أي: وبثه، وتكون من حالية، أي: كائنا من كل دابة، فهي تبعيضية، أو لبيان الجنس عند من يرى ذلك.

{وتصريف الريح} ومن قرأ بالتوحيد، فإنه يريد الجنس، فهو كقراءة الجمع. والرياح في موضع رفع، فيكون تصريف مصدرا مضافا للفاعل، أي وتصريف الرياح، السحاب أو غيره مما لها فيه تأثير بإذن الله. ويحتمل أن يكون في موضع نصب، فيكون المصدر في المعنى مضافا إلى الفاعل، وفي اللفظ مضافا إلى المفعول، أي وتصريف الله الرياح.

مخ ۳۴۴