[تَمْشِي الأَحْكَامُ الخَمْسَةُ فِي التَّارِيخِ] (^١)
وَأَمَّا حُكْمُهُ فَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ فِي وَاحِدٍ، بَلْ مِنْهُ مَا هُوَ وَاجِبٌ إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْوُقُوفِ عَلَى اتِّصَالِ الْخَبَرِ وَشِبْهِهِ، وَلِمَعْرِفَةِ النَّسْخِ، وَلِلْأَنْسَابِ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا التَّوَارُثُ وَالْكَفَاءَةُ.
وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّ عَلَيْهِ مَدَارَ الأَحْكَامِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، وَبَعْضُهُمْ: إِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي، وَلَكِنَّهَا غَيْرُ مُتَمَحِّضَةٍ لِلْوُجُوبِ (^٢) بَلْ يَنْدَرِجُ تَحْتَهَا الْمُسْتَحَبُّ بِحَسَبِ الْمَقَامِ وَالسِّيَاقِ (^٣) وَرُبَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُبَاحِ.
وَعَقَدَ (^٤) الْخَطِيبُ بَابًا لِوُجُوبِ بَيَانِ أَحْوَالِ الْكَذَّابِينَ، وَالنَّكِيرِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْهَاءِ أَمْرِهِمْ إِلَى السَّلَاطِينَ (^٥) وَأَوْرَدَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لِشَدِّةِ اعْتِنَائِهِ بِهِ لَمَّا وَدَّعَ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ الرَّبِيعِ (^٦) قَعَدَ مَعَهُ، وَأَخْرَجَ أَلْوَاحَهُ، وَسَأَلَهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ وَفَاةَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَفَعَلَ، وَأَنَّهَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ [وَمِائَةٍ] (^٧) وَأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَقْصِدِهِ بِهِ فَقَالَ: "أُرِيدُ أَتَعَرَّفُ بِهِ الْكَذَّابِينَ" أَوْ كَمَا قَالَ (^٨).