تَتِمَّةٌ فِيهَا فَائِدَتَانِ:
[الفَرْقُ بَيْنَ التَّارِيخِ وَالطَّبَقَاتِ] (^١)
الأولَى: قَالَ الْعِزُّ ابْنُ جَمَاعَةَ (^٢):
"وَمِمَّا يُشْكِلُ وَيُحْتَاجُ إِلَيْهِ، مَعْرِفَةُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ عِلْمِ التَّارِيخِ وَعِلْمِ الطَّبَقَاتِ، وَمَعْرِفَةُ الِافْتِرَاقِ بَيْنَ مَوْضُوعِهِمَا وَغَايَتِهِمَا".
قَالَ: "وَالحَقُّ عِنْدِي أَنَّهُمَا بِحَسَبِ الذَّاتِ يَرْجِعَانِ إِلَى شَيءٍ وَاحِدٍ، وَبِحَسَبِ الاعْتِبَارِ يَتَحَقَّقُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّغَايُرِ".
قُلْتُ: بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ (^٣)، فَيَجْتَمِعَانِ فِي التَّعْرِيفِ بِالرُّوَاةِ، وَيَنْفَرِدُ التَّارِيخُ بِالحَوَادِثِ، وَالطَّبَقَاتُ بِمَا إِذَا كَانَ فِي البَدْرِيِّينَ -مَثَلًا- مَنْ تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ عَمَّنْ لَمْ يَشْهَدْهَا؛ لاسْتِلْزَامِهِ تَقْدِيمَ مُتَأَخِّرِ (^٤) الْوَفَاةِ. هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَإِنْ خَرَجَ غَالِبُ مَنْ صَنَّفَ بَعْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ "طَبَقَاتُ الشَّافِعِيَّةِ" مَثَلًا عَنْهُ، لِمُرَاعَاتِهِمْ فِي الطَّبَقَةِ قُرْبَ الْوَفَيَاتِ. وَرُبَّمَا يَكُونُ الوَاحِدُ مِنْ طَبَقَةٍ تَلِي الْمَذْكُورَ فِيهَا لِقِدَمِ مَوْتِهِ، وَإِنْ كَانَ دُونَهُمْ فِي الْأَخْذِ.