الْفَخْرِ لَهُ مِنْ مِثْلِهِ.
وَأَعْظَمُ مِنْ هَذَا فِي الْفَخْرِ لَهُ كَوْنُ شَيْخِنَا كَانَ يَقْصِدُهُ فِي بَيْتِهِ لِلْمُذَاكَرَةِ مَعَهُ، مَعَ كَثْرَةِ تَرَدُّدِ التَّقِيِّ لَهُ، وَلَهُمَا فِي ذَلِكَ مَقَاصِدُ.
وَحَكَى لَنَا شَيْخُنَا أَنَّ الظَّاهِرَ طَطَرْ (^١) قَالَ لَهُ: إِنَّهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا الْمُؤَيَّدُ ضَاقَتْ يَدُهُ جِدًّا، حَتَّى أَنَّ شَخْصًا قَدَّمَ لَهُ مَأْكُولًا، فَلَمْ يَجِدْ فِي حَاصِلِهِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ يُكَافِئُهُ بِهَا، وَلَا مَنْ يَقْرُضُهَا لَهُ، وَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَسْرَعِ مِنَ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْمَمْلَكَةِ وَذَخَائِرِهَا، ثُمَّ أَمَرَهُ (^٢) بِكِتَابَتِهَا فِي تَارِيخِهِ، فَإِنَّهَا عَجِيبَةٌ (^٣).
وَكَانَ شَيْخُنَا الْبَدْرُ الْعَيْنِيُّ يَقْرَأُ عِنْدَ الأَشْرَفِ بَرْسْبَاي وَغَيْرِهِ التَّارِيخَ وَنَحْوَهُ، بِحَيْثُ يَقُولُ الْأَشْرَفُ مَا مَعْنَاهُ: "إِنَّهُ مَا عَرَفَ الْإِسْلَامَ إِلَّا مِنْهُ".
وَجَمَعَ هُوَ وَغَيْرُهُ -كـ: ابْنِ نَاهِضٍ (^٤) وَغَيْرِهِ- لِلْمُلُوكِ سِيَرًا؛ لِعِلْمِهِمْ بِرَغْبَتِهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَرَامَ مِنِّي الدَّوَادَارُ الْكَبِيرُ يَشْبَكُ الْمُؤَيِّدِيُّ الْفَقِيهُ -وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ وَأَجِلَّائِهِمْ (^٥) وَمِمَّنْ يَقْرَأُ عَلِيَّ مِنْهُمْ بِقَصْدِهِ الْجَمِيلِ -أَنْ أَفْعَلَ مَعَ الظَّاهِرِ خُشْقَدَمَ (^٦) نَظِيرَ الْعَيْنِيِّ، فَمَا وَافَقْتُهُ.