الَّذِي ارْتَقَى إِلَيْهِ الْجُهَّالُ بِالْمَالِ، أَوْ بِالاخْتِلَاطِ بِالْمُتَجَوِّهِينَ (^١) الْأَنْذَالِ، وَكَانَ غَايَةُ مَا وَصَلَ إِلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ (^٢) بِالْقَاهِرَةِ وَالإِسْكِنْدِرِيَّةِ عِنْدَ عَوْدِهِ مِنْ دِمَشْقَ أَنْ عَمَلُوهُ شَاهِدًا، مَعَ قَوْلِ ابْنِ خَلِّكَانَ فِي "تَارِيخِهِ" (^٣) أَنَّهُ: "جَاءَنِي مِرَارًا بِسَبَبِ أَدَاءِ شَهَادَاتٍ، وَسأَلْتُهُ عَنْ أَمَاكِنَ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ مُشْكِلَةٍ، فَأَجَابَ عَنْهَا وَأَبْلَغَ، مَعَ سُكُونٍ كَثِيرٍ وَتَثَبُّتٍ تَامٍّ".
وَسَرَدَ (^٤) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِمَّا كُلُّهُ لَيْسَ مِنْ غَرَضِنَا هُنَا، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ شُجُونٌ، سِيَّمَا وَقَدْ بَسَطْتُهُ مَعَ أَشْبَاهِهِ فِي مُؤَلَّفٍ آخَرَ سَمَّيتُهُ "الفُرْجَةُ" (^٥).
وَقَالَ التَّقِيُّ المَقْرِيزِيُّ (^٦):
"الْعِلْمُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: عَقْلِيٌّ وَنَقْلِيٌّ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَفَرَّغَ [المَرْءُ] (^٧) بَعْدَ إِتْقَانِ مَا تَجِبُ مَعْرِفَتُهُ مِنْهُمَا (^٨) لِمُطَالَعَةِ التَّارِيخِ وَتَدَبُّرِ مَوَاعِظِهِ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ بِتَدَبُّرِهِ (^٩) لِمَنْ أَزَالَ اللهُ تَعَالَى أَكِنَّةَ قَلْبِهِ وَغِشَاوَةَ بَصَرِهِ، نَتِيجَةَ الْعِلْمِ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ