فَأَجَابَهُ أَبُو جَعْفَرِ ابْنُ وَضَّاحٍ (^١) مُنْتَصِرًا لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَعَلَى لِسَانِهِ:
رُوَيْدَكَ (^٢) ما نَبَّهْتَ مِنِّي نائمًا … وَدُونَكَ فَاسْمَعْهَا إِذَا كُنْتَ سَامِعَا
فَلَو سَلِمَتْ تِلْكَ العُلُومُ لِأَهْلِهَا … لَمَا كُنْتَ فِيمَا تَدَّعِيهِ مُنَازِعَا
وَلَوْ ضَمَّنَا عِنْدَ التّنَاظُرِ (^٣) مَجْلِسٌ … سَقَيْنَاكَ فِيهِ السُّمَّ لَكِنَّ (^٤) نَاقِعَا
وَقَدْ حَكَى ابْنُ عَمَّارٍ هَذَا أَيْضًا فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مَا نَحْنُ فِيهِ (وَلَكِنَّنِي أَرَدْتُ بِحِكَايَتِهِ تَمَامَ الاِسْتِشْهَادِ بِهِ لِلتَّسَلِّي، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ) (^٥):
"وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ شَرَكَ فِيهِ غَيْرُ أَهْلِهِ قَدِيمًا، وَلَا أُرِيدُ بِالشَّرِكَةِ أَنَّهُمْ دَاخَلُوا الْعُلَمَاءَ بِالْحِرْصِ عَلَى الْجِدِّ فِي الطَّلَبِ لِلعِلْمِ حَتَّى يَنَالُوا مَرْتَبَتَهُمُ الْعَلِيَّةَ، وَإِنَّمَا شَرَكُوهُمْ بِسَيْفِ الْجَاهِ وَحَيْفِ الْمَالِ فِي مَرَاتِبِهِمُ الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُمْ شَرْعًا وَقَهْرًا وَغَلَبَةً، وَالتَّلَبُّسِ بِخِرْقَةِ طَيْلَسَانِهِمْ وَعَذَبَتِهِمْ، وَإِذَا كُشِفَ الْغِطَاءُ عَنْهُمْ بِعَيْنِ الْحَقِّ وَالنُّورِ تَجِدُهُمْ تَشَبَّعُوا (^٦) بِمَا لَمْ يُعْطَوا، وَلَبِسُوا ثَوْبَيْ بُهْتَانٍ وَزُورٍ، وَانْقَلَبُوا هُزْأَةً لِلسَّاخِرِينَ وَضُحْكَةً لِلنَّاظِرِينَ (^٧) بَلْ صَارُوا تَارِيخًا يُعَادُ بِذِكْرِهِ وَيُبْدَأُ، وَيُرَادُ التَّنْوِيهُ بِهِ فِي دَفْعِ الْأَعْدَاءِ".