وَقَالَ الحَافِظُ (الْمُحْيَوِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ) (^١) عَبْدُ الْقَادِرِ الْقُرَشِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي "طَبَقَاتِهِمْ" (^٢):
"إِنَّ فِي ذِكْرِ تَرَاجِمِ الْعُلَمَاءِ، مِنْ أَحَوْالِهِمْ وَمَنَاقِبِهِمْ، وَأَعْصَارِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ، فَوَائِدَ نَفِيسَةً وَمُهَمَّاتٍ جَلِيلَةً، مِنْهَا: طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ. فَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ (^٣) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: ٢٨]: هُوَ ذِكْرُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ. وَكَيْفَ لَا وَهُمْ مُشَرَّفُونَ بِأُمُورٍ أَعْظَمُهَا رُؤْيَةُ النَّبِيِّ ﷺ وَحُسْنُ اتِّبَاعِهِمْ لَهُ وَاكْتِسَابُهُمُ الْعِلْمِ. وَمِنْهَا: التَّأَدُّبُ بِآدَابِهِمْ وَالاِقْتِبَاسِ مِنْ مَحَاسِنِ آثَارِهِمْ. وَمِنْهَا: إِنْزَالُ كُلٍّ مِنْهُمْ مَنْزِلَتَهُ، فَلَا يُقَصَّرُ بِالْعَالِي فِي الْجَلَالَةِ عَنْ دَرَجَتِهِ، وَلَا يُرْفَعُ غَيْرُهُ عَنْ مَرْتَبَتِهِ، فَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ. وَأَشَارَ ﷺ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: "لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى" (^٤). وَمِنْهَا: التَّرْجِيحُ عِنْدَ المُعَارَضَةِ بِالأَعْلَمِ (^٥) والأَوْرَعِ. وَمِنْهَا: بَيَانُ مَا لَهُمْ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ وَتَمْيِيزُ الْمُنْتَفَعِ بِهِ مِنْهَا. وَمِنْهَا: زَوَالُ الْوَسْمِ لَهُ بِجِهَالَتِهِمْ، وَالتَّعَرُّضُ مِنْ غَيْرِهِ لاِسْتِجْهَالِهِمْ" انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَقَدْ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: "عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِينَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ" (^٦).
* * *