"وَكُتُبُ التَّوَارِيخِ يُنْتَفَعُ بِهَا لِلاِطِّلَاعِ عَلَى أَخْبَارِ الْعُلَمَاءِ وَالْعُقَلَاءِ وَوَقَائِعِهِمْ، وَحَوَادِثِ الْحَدَثَانِ، وَسِيَرِ النَّاسِ، وَمَا أَبْقَى الدَّهْرُ مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَرَذَائِلِهِمْ، بَعْدَ أَنْ أَبَادَهُمْ".
وسَمَّى (^١) الْوَلِيُّ الشَّهِيرُ بِالْعَفِيفِ اليَافِعِيِّ تَارِيخَهُ الْمُرَتَّبِ عَلَى سِنِيِّ الْهِجْرَةِ: "مِرْآةُ الْجِنَانِ وَعِبْرَةُ (^٢) اليَقْظَانِ فِي مَعْرِفَةِ (مَا يُعْتَبَرُ بِهِ مِنْ) (^٣) حَوَادِثِ الزَّمَانِ وَتَقَلُّبِ أَحْوَالِ الْإِنْسَانِ، وَتَارِيخِ مَوْتِ بَعْضِ الْمَشْهُورِينَ الْأَعْيَانِ".
وَأَنْشَدَ فِي أَوَّلِهِ (^٤):
أَيَا طَالبًا عِلْمَ التَوَارِيخِ لَمْ يُشَنْ (^٥) … بِإِخْلَالِ تَفْرِيطِ وِإِمْلَالِ إِفْرَاطِ
تَلَقَّ كِتَابًا قَدْ أَتَى مُتَوَسِّطًا … وَخَيْرُ أُمُورٍ حَلَّ مِنْهَا بَأَوْسَاطِ
مُحَلَّى (^٦) بأشعارٍ زَهَتْ ونَوادِرَ … وما لاقَ من إثباتِ ذِكرٍ وإِسْقَاطِ
وَمِنْ دُرَرِ الأَلْفَاظِ غُرُّ مَعَانيَ … وَمِخْبَاتُ جَوْدَاتٍ (^٧) نَقَاوَةِ لَقَّاطِ
بِذَاكَ اعْتِبَارٌ وَاطِّلَاعُ مَطَالِعٍ … عَلَى عِلْمِ دَهْرٍ رَافِعِ الدَّهْرِ حَطَّاطِ
وَتَصْرِيفِ أَيَّامٍ حَكِيمٍ مُدَاوِلٍ … لَهَا مُقْسِطٌ فِي خَلْقِهِ غَيْرُ قَسَّاطِ
فَكَمْ فِي تَوَارِيخِ الوَقَائِعِ عِبْرةٌ … لِمُعتْبَرٍ خَاشِي العَوَاقِبِ مُحْتَاطِ
فَتًى مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ حَزْمٌ مُجَانِبٌ … تَعَاطِي أُمَورٍ مُعْطَيَاتٍ لِمُعْتَاطِ