وَقَالَ التَّاجُ أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بْنُ أَنْجَبَ الْخَازِنُ (^١):
"أَرْوَحُ الْأَشْيَاءِ لِلْخَاطِرِ الْمَتْعُوبِ مُطَالَعَةً وَسَمَاعًا، وَأَنْفَى لِطَرْدِ الْهَمِّ الْمَجْلُوبِ فَائِدَةً وَانْتِفَاعًا، وَأَحْسَنُ الْأَسْمَارِ، وَأَطْيبُ (^٢) الْأَخْبَارِ مَا حَصَلَ بِهِ مَوْعِظَةٌ وَاعْتِبَارٌ، وَهُوَ عِلْمُ التَّوَارِيخِ وَالأَخْبَارِ. وَمِنْهُ أَيْضًا يُعْلَمُ تَقَلُّبُ الدُّوَلِ وَسُرْعَةُ انْتِقَالِهَا، وَتَصَرُّمُ (^٣) الْأَحْوَالِ بِانْقِضَائِهَا وَزَوَالِهَا".
وَقَالَ فِي كِتَابِهِ "أَخْبَارُ الْوُزَرَاءِ فِي دُوَلِ (^٤) الأَئِمَّةِ الخُلَفَاءِ" (^٥):
"أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ أَوْفَى مُصَنَّفَاتِ التَّوَارِيخِ فَائِدَةً، وَأَكْثَرَهَا عَائِدَةً، وَأَجَلَّهَا (^٦) أَثَرًا، وَأَطْيَبَهَا خَبَرًا، وَأَحْسَنَهَا سَمَرًا، وَأَحْلَاهَا ثَمَرًا؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا يَبْعَثُ عَلَى اجْتِلَابِ الْفَضَائِلِ، وَاجْتِنَابِ الرَّذَائِلِ (^٧). وَفِي مَصَارِعِ الْأَعْيَانِ، وَمَنْ سَاعَدَهُ الزَّمَانُ وَمَلَكَ الْبَيَانَ (^٨) اعْتِبَارًا لِمَنِ اعْتَبَرَ، وَتَجْرِبَةً لِمَنْ تَفَكَّرَ؛ إِذِ اللَّبِيبُ يَرَى مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ فَيَسْتَحْسِنُهَا، وَرَذَائِلَ الْأَفْعَالِ فَيَسْتَهْجِنُهَا، وَعَوَائِدَ الْخَيْرِ فَيَطْلُبُهَا، وَعَوَاقِبَ الشَّرِّ فَيَجْتَنِبُهَا.