شَيْخِنَا، أَنَّ عِنْدَهُمْ (بِحَلَبَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ) (^١) وَلَدًا ذَكَرًا، فَهُمْ يَرْكَبُونَ مَعَهُ فِي مُهِمَّاتِهِ وَنَحْوُهَا، وَكَانَ فِي الْمَجْلِسِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَقَالَ: وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا! فَتَبَسَّمَ شَيْخُنَا وَقَطَعَ الْمَجْلِسَ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ.
وَمِنَ الْعَجِيبِ (^٢) أَنَّهُ كَثُرَ اجْتِمَاعِي بِالرَّجُلِ الثَّانِي، وَأَسْتَخْبِرُهُ عَنِ الَّذِي رَامَ يَقُولُهُ وَيَشْرَعُ فِي حِكَايَتِهِ، فَيَقْطَعُهُ عَارِضٌ! تَكَرَّرَ لِي ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ جَعْفَرٍ القُضَاعِيُّ الشَّافِعِيُّ، قَاضِي مِصْرَ إِنَّهُ (^٣): "جَمَعَ جُمَلًا مِنْ أَنْبَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَتَوَارِيخِ الْخُلَفَاءِ، وَوِلَايَاتِ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ، إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ (^٤) وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ (^٥)، عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ؛ لِيَقْرُبَ حِفْظُهُ عَلَى مَنْ أَرَادَهُ، فَفِيهِ -يَعْنِي مِنْ فَائِدَتِهِ مَعَ حِفْظِهِ- كِفَايَةُ الْمُحَاضَرَةِ، وَبُلْغَةٌ مُقْنِعَةٌ (^٦) لِلِمُذَاكَرَةِ".
[(^٧) وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْهَمَذَانِيُّ الْفَرَضِيُّ الشَّافِعِيُّ، فِي "ذَيْلِهِ" (^٨) لِتَارِيخِ ابْنِ جَرِيرٍ، أَنَّهُ:
"رَغِبَ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ سَادَةُ الْأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ، وَأَهْلُ الْمَحَامِدِ وَالْفَضَائِلِ، كَالْأَئِمَّةِ مِنْ وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَغَيْرِهِمْ بِدُونِ إِلْبَاسٍ" إِلَى أَنْ قَالَ: "فَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ