عليه صنعاء فاستأذنوا وهو في قصر، يقال له غمدان، وهو الذي يقول فيه أمية ابن أبي الصلت:
اشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا * في رأس غمدان دار منك محالا ثم ساق الحديث إلى أن قال: فأرسل إلى عبد المطلب فأدنى مجلسه ثم قال: يا عبد المطلب إني مفض إليك من سر علمي أمرا لو كان غيرك لم أبح به إليه ولكني رأيتك معدنه فأطلعتك عليه، فليكن عندك مطويا حتى يأذن الله فيه فإن الله بالغ أمره، إني أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لأنفسنا وأخبرناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما، فيه شرف الحياة، وفضيلة الوفاة، للناس عامة ولرهطك كافة، ولك خاصة.
فقال عبد المطلب: مثلك أيها الملك قد سر وبر فما هو؟ فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر.
فقال: إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة كانت له الإمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة.
فقال عبد المطلب: أبيت اللعن، لقد إبت بخير ما آب بمثله وافد، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من أسراره ما أزداد به سرورا.
فقال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه، أو قد ولد فيه، اسمه محمد، يموت أبوه وأمه ويكفله جده وعمه، وقد ولد سرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا، يعز بهم أولياءه ويذل بهم أعداءه، يضرب بهم الناس عن عرض، ويستبيح بهم كرائم الأرض يكسر الأوثان، ويخمد النيران، ويعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.
فقال عبد المطلب: أيها الملك عز جدك، وعلا كعبك، وداج ملكك، وطال عمرك، فهل الملك ساري بإفصاح فقد أوضح لي بعض الإيضاح؟
مخ ۶۳