157

ابتدأني بها تفضلا وكرما ، تدعوني إلى أن أكفر بهذه النعم وهذا الإحسان وتقول اغدر بمن كان أولى لهذا وأجري واسع في إزالة خيط عنقه وسفك دمه ، تراك لو دعوتني إلى الجنة عيانا أكان الله يحب على أن أغدر به وأكفر إحسانه وأنكث بيعته ، فسكت الرجل فقال له عبد الله : ما أخاف عليك إلا نفسك فارحل عن هذا البلد فإن السلطان الأعظم إن بلغه ذلك كنت الجاني على نفسك ونفس غيرك. فلما أيس منه جاء إلى المأمون فأخبره فاستبشر وقال : ذلك غرس يدي وإلف أدبي وقراب يلفحي ، ولم يظهر ذلك ولا علمه ابن طاهر إلا بعد موت المأمون. اه. ابن الأثير.

** ترجمة عبد الله بن طاهر بن الحسين :

قال في مختصر الذهبي : عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بتقديم الزاي بن أسعد مولى طلحة بن عبد الله الخزاعي ، وهو طلحة الطلحات ، الأمير العادل أبو العباس الخزاعي أمير إقليم خراسان وما يليه ، ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة ، وتأدب في صغره وقرأ العلم والفقه وسمع من وكيع ويحيى بن الضريس وعبد الله المأمون وعنه إسحق بن راهويه وهو أكبر منه ونصر بن زياد القاضي وأحمد بن سعيد الرباطي والفضل بن محمد الشعراني وابنه محمد بن عبد الله الأمير وابن أخيه منصور بن طلحة. قال المرزباني كان بارع الأدب حسن الشعر تنقل في الأعمال الجليلة شرقا وغربا ، قلده المأمون مصر والمغرب ، ثم نقله إلى خراسان. وروى الحاكم في تاريخه أن أسعد جد بني طاهر كان يعرف في العجم بفرح زرين موزه فأسلم على يد علي على أن لا يغير اسمه ، فسأل عن اسمه فقيل اسم مشتق من السعادة فقال : هو إذن أسعد ، وكان والده يسمى فيروز. وقال إبراهيم نفطويه : لما غلب عبد الله بن طاهر على الشام وهب له المأمون ما وصل إليه من الأموال هناك ففرقها على القواد ، ولما دخل مصر وقف على بابها وقال : أخزى الله فرعون ما كان أخبثه وأدنى همته ، ملك هذه القرية فقال أنا ربكم الأعلى ، والله لأدخلنها ، وكان ابن طاهر جوادا ممدحا وفد عليه دعبل فلما أكثر عطاياه توارى عنه وكتب إليه :

هجرتك لم أهجرك من كفر نعمة

وهل ترتجي فيك الزيادة بالكفر

مخ ۱۷۹