وفي البخاري (١) عن الشعبي أن ابن عباس ﵄ حدَّثه قال: "سَقيتُ رسول الله ﷺ من زمزم فشرب وهو قائم".
قال الحافظ بن حجر في "الفتح" (٢): فيه -أي: الحديث المذكور- الرخصة في الشرب قائمًا، انتهى.
أي: فيكون النهي عن الشرب قائمًا الوارد في الصحيح نهي أدب وإرفاق؛ ليكون تناول الماء على سكون وطمأنينة، فيكون أبعد من الفساد، كما قاله محيي السنة (٣).
قال علي القاري: أقول: ويمكن أن يكون القيام مختصًّا بماء زمزم، ونكتة التخصيص الإِشارة إلى استحباب التضلع من مائه. ثم قال: ورأيت بعضهم صرَّح بأنه يُسن الشرب من زمزم قائمًا اتباعًا له ﷺ، انتهى.
وبالجملة فيستحب الشرب من مائها والتضلُّع منه (٤)، لما روى الدارقطني والبيهقي مرفوعًا (٥): "آيةُ ما بيننا وبين المنافقين إنهم
_________
(١) "صحيح البخاري" ح (١٦٣٧).
(٢) "فتح الباري" ٣/ ٤٩٣.
(٣) أي الإِمام البغوي في "شرح السُّنة" ١١/ ٣٨١.
(٤) أي يستحبُّ الامتلاء من زمزم شِبَعًا ورِيًّا حتى يبلغ الماء أضلاعه.
(٥) "سنن الدارقطني" ٢/ ٢٨٨، و"سنن البيهقي" ٥/ ١٤٧ من حديث ابن عباس، ورواه ابن ماجه في "السنن" ح (٣٥٦١) من حديث ابن عباس أيضًا، قال في "الزوائد": إسناده صحيح ورجاله موثقون. قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" =
1 / 25