وبنى أسد بن عبد العزى (1)، وبنى عدى بن كعب (2)، وجمعوا الحجارة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم حتى إذا انتهى الهدم إلى الأساس ، فأفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة ، فضربوا عليها بالمعول ، فخرج برق كاد أن يخطف البصر ، فانتهوا عند ذلك الأساس ، ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن ، فاختصم فيه القبائل ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه ، وكادوا أن يقتتلوا على ذلك ، فقال لهم أبو أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ، وكان شريفا مطاعا : اجعلوا الحكم بينكم سواء فيما اختلفتم فيه ، أول من يدخل من باب الصفا ؛ فقبلوا ذلك منه ، وكان أول داخل من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه قالوا : هذا محمد الأمين ، وكان يسمى قبل أن يوحى إليه أمينا ؛ لأمانته وصدقه ، فقالوا جميعا : رضينا بحكمه ، ثم قصوا عليه قصتهم فقال عليه الصلاة والسلام : هلم إلى ثوبا ، فأتى به ، فأخذ الركن ؛ فوضعه بيده ، ثم قال : ليأخذ كبير كل قبيلة بطرف من هذا الثوب ، فحملوه جميعا ، وأتوا به ، ورفعوه إلى ما يحازى موضعه ؛ فتناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثوب ، ووضعه بيده الشريفة فى محله.
وذلك يقول هبيرة بن وهب المخزومى :
تشاجرت الأحياء فى فضل حطه
جرت طيرهم بالنحر من بعد أسعد
مخ ۸۵