حتى أدرك الابن ، وهو يمشى على إثر أبيه ، فقال له : يا غلام ، هل تدرى أين يذهب بك أبوك؟ قال : نحتطب لأهلنا من هذا الشعب ، فقال له : والله ما يريد إلا ذبحك ، قال : لأى شىء؟ قال : زعم أن الله تعالى أمره بذلك ، قال : فليفعل ما أمره الله تعالى سمعا وطاعة لأمر الله تعالى.
فأقبل الشيطان إلى إبراهيم عليه السلام ، فقال له : أين تريد أيها الشيخ؟ فقال : أريد هذا الشعب لحاجة لى فيه ، فقال : إنى أرى الشيطان خدعك بهذا المنام الذى رأيته ، إنه يريد ذبح ولدك وقطعة كبدك ؛ فتندم بعد ذلك حيث لا ينفعك الندم ، فعرفه إبراهيم ، فقال : إليك عنى يا معلون ، والله لأمضين لأمر ربى ، فنكص إبليس على عقبيه ، ورجع بخزيه وغيطه ، ولم ينل من إبراهيم شىء.
فلما خلا إبراهيم فى الشعب ، وقال : ذلك فى تبين ، فقال : ( يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك ؛ فانظر ما ذا ترى ، قال : يا أبت افعل ما تؤمر ، ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) (1).
فحدثت : أن إسماعيل قال له عند ذلك : يا أبتاه ، ك إن أردت ذبحى فاشدد وثاقى ، لا يصدنك من دمى ، فينقص أجرى ، فإن الموت شديد ولا أود أن اصطرب عنده إذا وجدت مسه ، واستحد شفرتك حتى تجهز على فتذبحنى ، فإذا أنت ضجعتنى لتذبحنى فاكفنى على وجهى ، ولا تضجعنى لشقى ؛ فإنى أخشى إن أنت نظرت إلى وجهى أن تدركك الرقة ؛ فيحول بينك وبين أمر ربك فى ، وإن رأيت أن ترد قميصى إلى أمى ؛ فإنه عسى أن يكون إسلالها فافعل ، فقال إبراهيم : نعم ، العون أنت يا بنى على أمر الله تعالى.
ويقال : إنه ربطه كما أمره بحبل فأؤثقه ، ثم استحد شفرته ، ثم تله للجبين واتقى النظر إلى وجهه ، ثم أدخل الشفرة حلقه فقلبها جبريل عليه السلام فى يده ثم اجتذبها إليه ، ونودى : أن إبراهيم قد صدقت الرؤيا ؛
مخ ۷۱