ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل ؛ فأذنت له ، واشترطت عليه بأن لا ينزل ، فجاء إبراهيم إلى مكة ، وقدم على منزل إسماعيل فوجده غائبا فى الصيد ؛ فقال لامرأته : أين صاحبك ، قالت : ذهب يتصيد ، ورحبت به ، وقالت له : اجلس رحمك الله ، وجاءته بلحم ولبن وماء ؛ فأكل وشرب ، وقالت له : يا عم هلم حتى أغسل رأسك وألم شعثك ، وجاءته بحجر وهو حجر المقام الذى بنى عليه الكعبة فيما بعد ، فجلس عليه ؛ فغاصت رجلاه فى الحجر فغسلت شقه الأيمن ثم الأيسر ، ثم أفاضت الماء على رأسه وبدنه إلى أن فزعت من تنظيفه ، فقام من عندها ، وتوجه من حيث جاء ، وقال لها : إذا جاء صاحبك فاقرئيه منى السلام ، وقولى له : قد استقامت عتبة بابك ، فألزمها ، فلما جاء إسماعيل وجد رائحة أبيه ، فقال لها : هل جاء أحد ، فقالت : نعم ، جاءنى شيخ من الشيوخ ، أحسن الناس وجها ، وأطيبهم ريحا ؛ فاضفته ، وسقيته ، وغسلته ، وهذا موضع قدميه ، وحين توجه أقرأك السلام ، وقال لك كذا وكذا ؛ فقال : نعم ، أمرنى أن أثبت معك ، ونقل موضع قدم أبيه من الحجر وحفظه يتبرك به إلى أن بنى عليه فيما بعد إبراهيم عليه السلام الكعبة لما بناها هكذا فى قصص الأنبياء.
وروى فيها أيضا عن عبد الله بن عمر رضياللهعنه أنه قال : «أشهد بالله ثلاث مرات أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة ، طمس الله نورهما ، ولو لا أن طمس نورهما لأضاء ما بين المشرق والمغرب» ، ثم لما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام ببناء بيته الشريف ؛ قدم إلى مكة وبناه كما قدمناه.
فلما فرغ من بناء بيت الله المحرم أمره أن يؤذن فى الناس بالحج ؛ فقال : يا رب ، وما عسى أن يبلغ مد صوتى ، فقال : عليك الآذان وعلى الإبلاغ ؛ فطلع على جبل ثبير ، ونادى يا عباد الله ؛ إن ربكم قد بنى لكم بيتا ، وأمركم أن تحجوه فحجوه وأجيبوا داعى الله ، فأسمع الله سبحانه تبارك وتعالى عز وجل ، تعالى صوته جميع من فى الدنيا ، ومن سيولد ممن هو فى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات إلى يوم القيامة ؛ فأجابه من سبق فى علم
مخ ۶۹