وتلا قوله تعالى : ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) (1).
ولقد اختار حبر الأمة ؛ سيدنا عبد الله بن عباس (رضى الله تعالى عنهما) المقام بالطائف وما حوله على مكة ، وقال : لأن أذنب سبعين ذنبا بغير مكة أحب إلى من أن أذنب ذنبا واحدا بمكة.
وذهب بعض العلماء إلى القول بتضاعف السيئات بأرض الحرم كما تضاعف الحسنات.
وجاور أبو محمد الجوهرى سنة بمكة فلم يستند إلى حائط ، ولم ينم ، فقيل له : بم قدرت على هذا؟ فقال : علم الله صدق باطنى ، وأعاننى على ظاهرى.
وبقى أبو عمرو الزجاجى الصوفى أربعين سنة مجاورا بمكة لم يقض حاجته البشرية فى الحرم ، بل كان يخرج إلى الحل عند قضاء الحاجة .
وهكذا يروى عن الإمام أبى حنيفة رضياللهعنه فى مدة إقامته بمكة ، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحجون ثم يرجعون ، ويعتمرون ثم يرجعون ، ولا يجاورون ؛ ذكره عبد الرزاق فى مصنفه.
وروى عن وهب بن الوردى المكى ( رحمه الله تعالى) قال : كنت ذات ليلة أصلى فى الحجر ، فسمعت كلاما بين الكعبة والأستار خفيا ، فاستمعت ، فإذا هى تناجى وتقول : إلى الله أشكو ثم إليك يا جبريل ممن حولى ؛ من سمرهم وتفكههم باللغو وذكر أحوال الدنيا والاغتياب والخوض فيما لا ينبغى لهم ، واللهو ، والغيبة ، لئن لم ينتهوا عن ذلك لأنتقض انتقاضة يرجع كل حجر منى إلى الجبل الذى قطع منه.
وسئل الإمام مالك (رضى الله تعالى عنه) عن الحج والجوار أحب إليه (2) أو الرجوع.
فقال : ما كان الناس إلا على الحج والركوع ، وفيهم ابن زيد ، من هذا اقتضى كراهية المجاورة عنده.
مخ ۵۲