من القراء، ونقرأ في الصلاة، ونحفظ في الصدور - ليس هو القرآن ألبتة، ولا شئ منه كلام الله ألبتة، بل شئ آخر، وإن كلام الله لا يفارق ذاته.
وإن قول هذه الفرقة في هذه المسألة نهاية الكفر بالله ﷿، ومخالفة القرآن والنبى، ﷺ، ومخالفة جميع أهل الاسلام قبل حدوث هذه الطائفة الملعونة ".
وهذا افتراء قصد به التشنيع والتلبيس على الناس، يدحضه قول الباقلانى في " رسالة الحرة " ص ٦٢: " اعلم أن الله تعالى متكلم له كلام عند أهل السنة والجماعة، وأن كلامه قديم ليس بمخلوق، ولا مجعول، ولا محدث، بل كلامه قديم، صفة من صفات ذاته، كعلمه وقدرته وإرادته، ونحو ذلك من صفات
الذات.
ولا يجوز أن يقال: كلام الله عبارة ولا حكاية، ولا يوصف بشئ من صفات الخلق، ولا يجوز أن يقول أحد: لفظي بالقرآن مخلوق ولا غير مخلوق، ولا إنى أتكلم بكلام الله ".
وقوله ص ٨٢: " ويجب أن يعلم أن كلام الله تعالى مكتوب في المصاحف على الحقيقة كما قال: (إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون)، وهو في مصاحفنا مكتوب على الوجه الذى هو مكتوب في اللوح المحفوظ، كما قال تعالى: (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) .
لكن نحن نعلم وكل عاقل أن كلام الله الذى هو مكتوب في اللوح المحفوظ، هو والقرآن المكتوب في مصاحفنا شئ واحد، لا يختلف ولا يتغير، وأن اللوح غير أوراق مصاحفنا، وأن الخط الذى فيه غير الخطوط التى في مصاحفنا، وأن القلم الذى كتب في اللوح المحفوظ غير أقلامنا.
وكذلك ما اختلف وغاير غيره، واختص بمكان دون مكان، وزمان دون زمان فهو مخلوق مربوب، وكل ما هو على صفة واحدة لا يختلف ولا يتغير، ولا يجوز عليه شئ من صفات الخلق.
فكذلك هو كلام الله تعالى القديم وجميع صفات ذاته.
وكذلك القرآن محفوظ بالقلوب على الحقيقة، كما قال تعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) .
لكن نعلم قطعا أن زيدا الحافظ غير عمرو الحافظ، وأن قلب هذا غير قلب هذا، وأن حفظ هذا غير حفظ هذا، لكن المحفوظ لهذا بحفظه هو المحفوظ للآخر بحفظه، وهو شئ واحد لا يختلف ولا يتغير،
1 / 61