هو الكفر، فهذا يجوز تكليفه بما لا يطاق.
وأما العاجز فما ورد في الشريعة تكليفه، ولو ورد لكان جائزا وصوابا، وقد أثنى الله تعالى على من سأله أن يكلفه ما لا يطيق، فقال ﷿: (ولا تحملنا مالا طاقة لنا به)، لان الله تعالى له أن يفعل في ملكه ما يريد.
ثم تجاوز الاحدب الكلام إلى غيره، ومال الملك إلى قولى.
ثم سألني النصيبينى عن مسألة الرؤية: هل يرى الباري سبحانه بالعين؟ وهل تجوز الرؤية عليه أو تستحيل؟ وقال: كل شئ يرى بالعين، فيجب أن يكون في مقابلة العين.
فالتفت الملك إلى وقال: تكلم أيها الشيخ في المسألة.
فقلت: لو كان الشئ يرى بالعين لوجب أن يكون في مقابلة العين على ما قال: ولكن لا يرى الله بالعين.
فتعجب الملك من قولى، والتفت إلى قاضى القضاة، فقال: إذا لم ير الشئ بالعين، فبأى شئ يرى؟ فقال: يسأله الملك.
فقال أيها الشيخ
فبأى شئ يرى إذا لم ير بالعين؟ فقلت: يرى بالادراك الذى في العين، ولو كان الشئ يرى بالعين لكان يجب أن ترى كل عين قائمة، وقد علمنا أن الاجهر عينه قائمة ولا يرى شيئا.
فزاد الملك تعجبا، وقال للنصيبينى: تكلم.
فقال: إنى لم أعلم أنه يقول هذا، ولا بنيت إلا على ما نعرف، وظننت أنه يسلم أن الشئ يرى بالعين! فغضب الملك وقال: ما أنت مثل الرجل، لانك بنيت المسألة على الظن.
ثم التفت إلى وقال لى: تكلم أنت.
فقلت: العين لا ترى، وإنما ترى الاشياء بالادراك الذى يحدثه الله تعالى فيها، وهو البصر، ألا ترى أن المحتضر يرى الملائكة ونحن لا نراهم؟ وكان النبي ﷺ، يرى جبريل ﵇ ولا يراه من يحضره؟ والملائكة يرى بعضهم بعضا ولا نراهم نحن؟ والدليل على جواز رؤية الباري تعالى أنه ليس فيها قلب للحقائق، ولا إفساد للادلة، ولا إلحاق صفة نقص بالقديم تعالى، فوجب أن يكون كسائر الموجودات، لانه تعالى موجود، والشئ إنما يرى لانه موجود، لان المرئى لم يكن مرئيا لانه جنس، لانا نرى سائر الاجناس المختلفة، ولا لقيام معنى بالمرئى، لانا نرى الاعراض التى لا تحمل المعاني، وقد ثبت بالنص وجوب رؤية الحق سبحانه في الدار الآخرة.
ثم جرى
1 / 23