قال في "شفاء العي" هذا أيضا اعتراض على الناقل أما قرأت ما قال صاحب " الحطة" في ديباجتها : وجئت بها في أقل زمان على قدر ، وابتدرت لنيل المعاني ونظم الدرر والغرر بعدما التقطتها من الزبر الحوافل الكبار روما لاقتناص الأوابد وغب ما اقتطفتها من نفائس الرسائل والأسفار ضبطا لبعض الشوارد . انتهى .
أقول : مثل هذا الحكم أضحوكة عند الفاضلين ولو سكت عنه لكان أحسن عند الماهرين ، فانه لم يذكر صاحب " الحطة" عند ذكر ما ذكر أنه مأخوذ من " كشف الظنون" فكيف النقل فإنه لا بد في النقل من إظهار أنه منقول عن الغير عند ذكر المنقول وكونه ذكر في ديباجة " الحطة" ما يدل على أن جلها منقول من الزبر والرسائل لا ينجيه من الإيراد بل لو ذكر عند ذكره أيضا أنه منقول من " الكشف" لم يسلم أيضا من الإيراد ؛ لكونه ملتزما للصحة .
فإن قال : ليس ذلك صحيحا عندي .
قلنا : فحينئذ يجب عليك تصريح هذا لئلا يغتر به كما قال التاج السبكي في " طبقات الشافعية الكبرى" في ترجمة محمد بن الحسن أبو بكر ابن الفورك المتوفى سنة ست وأربعمئة بعد نقل كلام للذهبي نقول لشيخنا : إن كنت تعتقد فيه ماحكيت من انقطاع الرسالة فلا خير فيه البتة وإلا فلم لا نبهت على أن ذلك مكذوب عليه لئلا يغتر به . انتهى .
فإن قال: ليس غرضي التمييز بين الصحيح والغلط بل مجرد النقل .
قلنا : فهل أنت إلا كحاطب ليل وجارف سيل تجمع الغث والسمين ، ولا تفرق بين الشمال واليمين .
مخ ۸۵