ففرقة ظنت جملة أقواله كالوحي من السماء ، فبالغت في الأخذ بما ذهب إليه وإن كان مخالفا للجمهور أو كان مخالفا لتصريحات من هو أعلى من ابن تيمية .
وطائفة أخرجته من أهل السنة بسبب ما نقل عنه من المتفردات المخالفة للجمهور .
وأنا سالك مسلك بين بين وأقول كما قال(1)الذهبي : هو عديم النظير بحر العلوم شيخ الإسلام ، ومع ذلك فهو بشر له ذنوب وخطأ ، فليسد الإنسان لسانه عن تحقيره وليدقق النظر في ما قال ، فإن كان صوابا فليقبله ، وإن كان خطأ فليتركه .
قال في " شفاء العي" لا وجه لصحة هذا الكلام ، فإنه لا وجود للطائفة الأولى في زماننا أصلا إلا في في ذهن المعترض .
أقول : هذا نفي عجيب ولو طولب هذا النافي بالبرهان على ذلك لعجز عنه إلا أن يتمسك بأن الأصل في الأشياء العدم ، وهو لا يعارض إثبات المثبت ، فإن المثبت معه زيادة علم ليست للنافي ، وقد تقرر في الأصول وشهد به المعقول والمنقول أن الإثبات مقدم على النفي ، ولعمري كيف نفى وجود هذه الطائفة في هذا الزمان مطلقا ، ولم يتيسر له سباحة جميع البلاد ولا ملاقاة جميع الأفراد حتى يعرف خلو كل بلدة في هذا الزمان عن وجود هذه الطائفة ، والمثبت يكفيه الوقوف على وجودها ولو في بعض البلاد ولا يلزمه الوقوف على أحوال جميع الأفراد فانعكس ما قاله وصدق أنه لا وجود لهذا النفي المطلق إلا في ذهنه ، نعم لو ادعى أحد في أشخاص معنيين أنهم منهم وقابله هذا النافي بأنهم ليسوا منهم لكان للكلام نوع استقرار .
مخ ۶۷