126

ابراهیم ابو الانبیا

إبراهيم أبو الأنبياء

ژانرونه

عبدت فيها الكواكب، وعبدت فيها الملوك، وعبدت فيها قوى الطبيعة، وعبدت فيها الأرباب العليا التي تعم عبادتها رجال الدولة، وعبدت فيها الأرباب المحلية التي يدين بها أبناء كل إقليم على حدة، ولا تشترك الأقاليم جميعا في عبادتها.

وقامت الشعائر على اختلافها مع كل دين من هذه الأديان، فعرفوا الضحايا البشرية كما عرفوا القرابين من غلات الزراعة في مواسمها، وعرفوا الصلوات في الهياكل بقيادة الكهان، كما عرفوا الصلوات في البيوت أو في المدافن الملحقة بها، وعرفوا الديانات التي تؤمن بالروح والجسد، كما عرفوا الديانات التي تؤمن بالجسد ولا تذكر شيئا عن الروح، أو التي تؤمن بأن الروح يلصق بالأعضاء فلا ينتقل إلى العالم الآخر ما دام للجسد بقية باقية.

ومنهم من كان يفهم أن العالم الآخر ناحية من هذا العالم الأرضي، أو هاوية في أعماقه، ومن كان يفهم أنه آت بعد حين في آخر الزمان.

وشوهد من الآثار والأحافير أن هذه الديانات تتغير كلما تغيرت الدولة القائمة في مكانها، فيقضي الدين الجديد على بعضها، ويستبقي بعضا منها أو يحوله إلى صورة أخرى.

ومعظم هذه الشعائر والعبادات له علاقة بدعوة الخليل إبراهيم؛ إما بالإقرار أو بالإنكار والتحويل.

وسبيل الباحثين إلى تصفية هذه الشعائر والعبادات عسير، بل جد عسير؛ لاختلاط الأزمنة واختلاط الشعوب واختلاط البقايا في العصر الواحد، فلا ندري على التحقيق ما كان من عقيدة هذا الفريق وما كان من عقيدة غيره، ولا وسيلة إلى الجزم بالقديم منها والحديث.

ويصدق هذا على العقائد والشعائر التي يقبلها أناس ويستنكرها أناس آخرون، ولكنه لا يصدق على العقائد والشعائر التي يمكن أن يقبلها أتباع العبادات المتناقضة في وقت واحد، كالحج، وقد كان مفروضا في الجاهلية وظل مفروضا في الإسلام مع اختلاف العقيدة والحكمة فيه، وكالقول عن أصل الخليقة، وقد اتفقت فيه الأديان الكتابية على الجملة، وظهر من الآثار والأحافير أنه كان من عقائد الأمم الغابرة قبل الأديان الكتابية، وما لم يأت نص بالمخالفة فليس ما يمنع تعاقب الأديان على قول واحد في هذه الأمور.

والمتواتر في سيرة الخليل إبراهيم أنه شهد عبادات الأقوام في عصره من أرض النهرين إلى وادي النيل، وأنه تنقل بين أقطار تتناقض في بعض العبادات، وتتلاقى في بعضها على اتفاق قريب أو بعيد، فإذا نظرنا فيما أبقى وفيما ترك، وعارضناه على المشهور من عبادات أولئك الأقوام، فليس من العسير أن نستخلص رسالته عليه السلام، وما فيها من الجديد والقديم، ومن الوفاق أو الخلاف.

وحاصل ما يقال هنا قبل تلخيص العقائد والعبادات في زمانه: أن ظهوره عليه السلام قد كان ولا ريب على مفترق من الطرق يختلف فيه الجيلان في البيت الواحد، فضلا عن الملتين أو القطرين.

وهذه طائفة من العقائد والشعائر التي كانت لها علاقة بدعوته، وينبغي النظر فيها قبل التصفية التي نخلص منها إلى بيان رسالته ورسالة الخالفين من بعده. (1) قصة الخليقة

ناپیژندل شوی مخ