ولهذا كان من المتفق عليه أن كل من فعل محرما أو ترك واجبا استحق العقوبة، فإن لم تكن مقدرة بالشرع، كان تعزيرا يجتهد فيه ولي الأمر. وقد نص على ذلك الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، وغيرهم من الفقهاء، ولا أعلم فيه خلافا.
12
هذا، وقد عني ابن تيمية بخاصة بما يأخذ القائمون على الأموال بغير حق من مال المسلمين، وهو في ذلك يقول بأن لولي الأمر (لعله يريد: فعلى ولي الأمر) استخراجه منهم، ومن هذا الضرب الهدايا التي يأخذها الولاة والعمال بسبب العمل. قال أبو سعيد الخدري: هدايا العمال غلول، وقال الرسول
صلى الله عليه وسلم : «هدايا الأمراء غلول.»
13
وقد تقدم حديث «ابن اللتبية» الذي كان عاملا للصدقة للرسول، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال الرسول
صلى الله عليه وسلم : «ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي، فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟!» إلى آخر الحديث.
ومن هذا الضرب أيضا محاباة الولاة في المعاملة من المبايعة والمؤاجرة والمضاربة والمساقاة والمزارعة، كل ذلك ونحوه مما يعتبر من الهدايا التي لا يجوز أخذها، وعلى ولي الأمر منعها والعقاب عليها، كما يذكر ابن تيمية بحق. «ولهذا، شاطر عمر بن الخاطب رضي الله عنه من عماله من كان له فضل دين ولا يتهم بخيانة، وإنما شاطرهم لما كانوا خصوا به لأجل الولاية من محاباة وغيرها، وكان الأمر يقتضي ذلك؛ لأنه كان إمام عدل يقسم بالسوية.»
14
وإذا استرد ولي الأمر ما أخذ الولاة والعمال بغير حق من الرعية، كان عليه ردها إلى أصحابها إن أمكن، وإلا كان عليه صرفها في المصالح العامة، كسداد الثغور، ونفقة المقاتلة، ونحو هذا وذاك، كما يقول جمهور العلماء، وكما هو منقول عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم.
ناپیژندل شوی مخ