183

ولم يجيئوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلين: يا رسول الله، ادع الله لنا، واستسق لنا، ونحن نشتكي إليك مما أصابنا، ونحو ذلك، لم يفعل ذلك أحد من الصحابة قط، بل هو بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، إلى آخر ما قال.

7

العدل في المعاملة

كل مؤمن بالله ورسوله، محب لدينه ووطنه وأمته، يعمل بلا ريب على أن يقوم المجتمع الذي ينسب إليه على العدل، كما يعمل جهده لكفاح الظلم والظالمين. وكان ابن تيمية من رجال الدين القلائل - حاشا عصر الرسول والصحابة والتابعين - الذين عملوا كل ما يستطيعون ليكون المجتمع مجتمعا عادلا نقيا من الظلم وأعوانه، وقد قدمنا له من ذلك شيئا كثيرا في هذه الناحية.

8

وذكرنا من قبل أيضا بعض فتاويه الفقهية التي تحمل على البعد عن ظلم المرء لنفسه بعدم طاعة الله، وأخرى تحول بينه وبين ظلم غيره، أو المجتمع الذي يعيش فيه، مثل عدم جواز إعطاء الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله، وتحريم قبول هدية من أحد ليشفع له في أمر لا يستحقه، وعدم إجازة بيع عصير العنب لمن يقصد إلى جعله خمرا.

9

ولكراهة الشيخ الإمام للظلم، وإحساسه عاقبته البشعة بصفة عامة، سواء كان ظلما لفرد أو ظلما لجماعة، نراه يقول في أول رسالة الحسبة: «إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة؛ ولهذا يروى أن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة» إلى آخر ما قال.

ثم تناول بعد ذلك الكلام على واجبات المحتسب، ومنها أخذ الناس بأداء الأمانات، وترك الخيانة والغش والتدليس فيما يتعاملون فيه، وتسعير عروض التجارة إذا لزم الأمر، وكذلك إلزام أهل الحرف والصناعات بالعمل فيما يحتاجه الناس.

10

ناپیژندل شوی مخ