181

وذلك بأن الوسائط بين الملوك وبين الناس يكونون على أحد وجوه ثلاثة: إما لإخبارهم إياهم بما لا يعرفونه من أحوال الناس، ومن قال إن الله لا يعلم أحوال عباده حتى يخبره بها بعض ملائكته أو أنبيائه أو غيرهم فهو كافر بالله العليم السميع البصير.

وإما لأن الملك عاجز عن تدبير رعيته ودفع أعدائه إلا بأعوان وأنصار، والله سبحانه ليس له ظهير ولا ولي من الذل.

وإما لأن الملك لا يرحم رعيته ويحسن إليهم إلا بمحرك يحركه ممن حوله، والله سبحانه هو رب كل شيء ومليكه، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وكل شيء فبمشيئته، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.

وهكذا ينتهي الإمام ابن تيمية إلى نفي الوسائط على النحو الذي ذكرنا، فيجب أن يكون الدين خالصا لله الواحد الأحد الصمد الذي لا يرجى غيره، ولا يجوز أن يقصد سواه.

وقد تناول هذا الموضوع في كثير من فتاويه ورسائله، ومن ذلك رسالته في «زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور»

4

التي افتتحها بكلام جيد جدا منه قوله: الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، هو عبادة الله وحده لا شريك له، واستعانته والتوكل عليه، ودعاؤه لجلب المنافع ودفع المضار، كما قال تعالى:

تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون .

وقال تعالى:

وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ، وقال تعالى:

ناپیژندل شوی مخ