178

بيان للذي يوسوس، وأنهم نوعان: إنس وجن، فالجني يوسوس في صدور الإنس، والإنسي أيضا يوسوس إلى الإنسي ...

فإن الوسوسة هي الإلقاء الخفي في القلب، وهذا مشترك بين الجن والإنس، وإن كان إلقاء الإنسي ووسوسته إنما هي بواسطة الأذن، والجني لا يحتاج إلى تلك الواسطة؛ لأنه يدخل في ابن آدم ويجري منه مجرى الدم ...

ونظير اشتراكهما في هذه الوسوسة اشتراكهما في الوحي الشيطاني، قال تعالى:

وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا .

9

فالشيطان يوحي إلى الإنسي باطله، ويوحيه الإنسي إلى أنسي مثله. فشياطين الإنس والجن يشتركان في الوحي الشيطاني، ويشتركان في الوسوسة.

وعلى هذا، تزول تلك الإشكالات والتعسفات التي ارتكبها أصحاب القول الأول، وتدل الآية على الاستعاذة من شر نوعي الشياطين: شياطين الإنس وشياطين الجن، وعلى القول الأول إنما تكون الاستعاذة من شر شياطين الجن فقط، فتأمله، فإنه بديع جدا.

فهذا ما من الله به من الكلام على بعض أسرار هاتين السورتين، ولله الحمد والمنة، وعسى الله أن يساعد بتفسير على هذا النمط، فما ذلك على الله بعزيز، والحمد لله رب العالمين.»

10 •••

وبعد ختام تفسير السورتين المعوذتين على هذا النحو الرائع، الذي يظهرنا على مبلغ علم شيخ الإسلام بمعاني القرآن، ومبلغ ما آتاه الله من العقل النافذ والبيان السديد، وأتبعه بقاعدة نافعة فيما يعتصم به العبد من الشيطان، ويستدفع به شره؛ وذلك عشرة أسباب كل منها يعتبر حرزا للإنسان من الشيطان أصل كل بلاء.

ناپیژندل شوی مخ