135

47 (أ)

روي عن الرسول

صلى الله عليه وسلم

أنه قال: «لا يحتكر إلا خاطئ»؛ ولهذا - كما يقول ابن القيم - كان لولي الأمر أن يكره المحتكرين على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه، ومن اضطر إلى طعام - مثلا - عند غيره لا يحتاج إليه، كان له أن يأخذ بقيمة المثل.

ولو امتنع من بيعه له إلا بأكثر من سعره، فأخذه منه بما طلب، لم يجب عليه إلا قيمة مثله؛ وذلك دفعا لضرر المحتاج، وفي الوقت نفسه لا ضرر فيه على المالك. (ب)

وكذلك يرى أن من اضطر إلى الاستدانة من الغير فأبى أن يعطيه إلا بربا أو معاملة ربوية، فأخذه منه بذلك، لم يستحق عليه للدائن إلا مقدار رأس ماله. (ج)

وبعد ذلك تكلم عن التسعير وأن منه ما هو ظلم محرم، ومنه ما هو عدل جائز، ثم قال ممثلا لهذا النوع: «وأما الثاني فمثل أن يمتنع أرباب السلع عن بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة عن القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، والتسعير ها هنا إلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به، وفيه دفع مفسدة عامة وتحقيق مصلحة.» (د)

ومن هذا النوع أيضا - كما يقول - أن يحتاج الناس إلى صناعة طائفة، كالفلاحة والنساجة وغير ذلك، فلولي الأمر أن يلزمهم بذلك بأجرة مثلهم؛ فإنه لا تتم مصلحة الناس إلا بذلك . (ه)

ونذكر أخيرا أنه تكلم عن الاضطرار للسكنى فقال: إذا قدر أن قوما اضطروا إلى السكنى في بيت إنسان لا يجدون سواه، أو النزول في خان مملوك - أي لغيرهم - أو استعارة ثياب يستدفئون بها، أو رحى للطحين، أو دلو لنزع الماء، أو قدر، أو فأس، أو نحو ذلك، وجب على صاحبه بذله بلا نزاع.

لكن هل يجب أن يأخذ عليه أجرا؟ فيه قولان للعلماء، وهما وجهان لأصحاب أحمد، ومن جوز له أخذ الأجرة حرم عليه أن يطلب زيادة على أجرة المثل، قال شيخنا - يريد ابن تيمية: «والصحيح أنه يجب عليه بذل ذلك مجانا، كما دل عليه الكتاب والسنة.» إلى آخر ما قال. •••

ناپیژندل شوی مخ