يقول: والذين يوولون المعنى فيقولون هنا ان المراد بالعرش هو الملك، والاستواء هو الاستيلاء والتمكن، اولئك ما قدروا الله حق قدره، وما عرفوه حق معرفته!!.
فيكون عنده الذى جعل لله حدا، فيكون على عرش محدد بمعناه الظاهرى، وان العرش يحويه، ذلك هو الذى عرف الله حق معرفته وقدره حق قدره!!.
( سبحانه وتعالى عما يصفون ).
فلا هو تمسك بقول اهل التسليم وامرار الايات كما هى، ولا هو اخذ بقول من تاول المعنى الظاهر تنزيها لله تعالى عن التجسيم والتحديد، ظنا منه ان من ذهب الى التاويل فقد ذهب الى قول المعطله الذين ينفون الصفات الازليه ، كالعلم والقدره والحكمه ونحوها. وهذا وهم كبير، فبين هذه الصفات الازليه، وما ذهب اليه من صفات الاجسام في الجلوس والانتقال والنزول والصعود بون شاسع وفارق كبير!.
ولعل الذى اوقعه بهذا شده تحامله على منكرى الصفات وتحمسه الشديد في الرد عليهم، حتى وضعه حماسه هذا في الطرف الاخر نقيضا لهم مبتعدا عن النمط الاوسط.
وزاد في الامر غرابه حين اراد ان يحتج لعقيدته تلك، فزعم ان ذلك هو اجماع السلف قاطبه! وقد قرات عقائد السلف في ما جمعه الشهرستانى عنهم في كتابه (الملل والنحل) مما نقلناه في مقدمه هذا الفصل.
ثم زعم ان احدا من السلف لم يذهب الى تاويل آيه واحده من آيات الصفات او حديث واحد من احاديث الصفات، فقال ما نصه:
اما الذى اقوله الان واكتبه، وان كنت لم اكتبه فيما تقدم من اجوبتى، وانما اقوله في كثير من المجالس: ان جميع ما في القرآن من آيات الصفات فليس عن الصحابه اختلاف في تاويلها، وقد طالعت التفاسير المنقوله عن الصحابه، وما رووه من الحديث، ووقفت على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار اكثر من مئه تفسير! فلم اجد الى ساعتى هذه عن احد من الصحابه انه تاول شيئا من آيات الصفات او احاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف.
مخ ۶۵