قال الشهرستانى: ان السلف من اصحاب الحديث لما راوا توغل المعتزله في علم الكلام ومخالفه السنه التى عهدوها من الائمه الراشدين، ونصرهم جماعه من امراء بنى اميه على قولهم بالقدر، وجماعه من خلفاء بنى العباس على قولهم بنفى الصفات وخلق القرآن.. تحيروا في تقرير مذهب اهل السنه والجماعه في متشابهات آيات الكتاب الحكيم واخبار النبى الامين (ص).
فاما احمد بن حنبل، وداود بن على الاصفهانى، وجماعه من ائمه السلف ، فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من اصحاب الحديث، مثل: مالك بن انس، ومقاتل بن سليمان، وسلكوا طريق السلامه، فقالوا: نومن بما ورد به الكتاب والسنه، ولا نتعرض للتاويل.
وكانوا يتحرزون عن التشبيه الى غايه ان قالوا: من حرك يده عند قراءه قوله تعالى: ( خلقت بيدى )، او اشار باصبعيه عند روايه: (قلب المومن بين اصبعين من اصابع الرحمن) وجب قطع يده، وقلع اصبعيه.
غير ان جماعه من الشيعه الغاليه، وجماعه من اصحاب الحديث الحشويه صرحوا بالتشبيه.
اما الحشويه، فمن قولهم: يجوز عليه الانتقال، والنزول، والصعود، والاستقرار، والتمكن. وله جوارح واعضاء من يد ورجل ونحو ذلك، ومع هذا فليس كمثله شى ء، لا يشبه شيئا من المخلوقات، ولا يشبهه شى ء.
وهذا الاخير ايضا كله قال به ابن تيميه وان غير في اللفظ، فتعالى الله عما يصفون.. وكان له في بعض مقالاته قصه، كاد المورخون ان يخفوها لفرط ميلهم..
فالصفدى قال: طلب الى مصر ايام ركن الدين بيبرس الجاشنكير، وعقد له مجلس في مقاله قالها!.
ولكن ما هى هذه المقاله؟.
كان ابن الوردى اكثر وضوحا حين قال: استدعى الشيخ الى مصر، وعقد له مجلس، واعتقل بما نسب اليه من التجسيم.
اذن تلك المقاله كانت في التجسيم!.
ولكن اى شيء قال؟ لا يرتاح المورخون الذين كانوا جميعا من اصدقائه ان يكشفوا عنها.
ونظير ذلك قد وقع من قبل، ولكن من غير دعوه الى مصر، او سجن، بل كان الامر على العكس..
مخ ۶۲