وهكذا تنطلى اضغاث احلام البسطاء على السبكى العلامه فيقول بعكس ما ترى عيناه، فهو يعلم ان بيبرس قد بقى في السلطنه ثلاث عشره سنه بعد قراره بضم القضاه، وانه احسن السلاطين سيره، فعطل الخمره والحشيشه في كل البلاد ولم يفعل ذلك احد غيره، وهزم المغول والصليبيين وحقق ما عجز عنه صلاح الدين حتى توفى سنه 676 ه! ولكن شيئا من ذلك لم يكن شافعا له، فالسبكى يقول: حكى انه رئى في النوم بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: عذبنى عذابا شديدا بجعل القضاه اربعه!.
ولم يكن ذلك شان الشافعيه وحدهم، فمما تناقله الحنابله من اخبارهم ما ارتقى الى مثل ذلك المرتقى، حتى رواه الذهبى واثبته العماد الحنبلى في (شذرات الذهب) فقال في احداث سنه 725 ه : كان غرق بغداد المهول، وساوى الماء الاسوار، وغرق امم لا تحصى، ودام خمس ليال، قال الذهبى: ومن الايات ان مقبره الامام احمد بن حنبل غرقت سوى البيت الذى ضريحه فيه، فان الماء دخل في الدهليز علو ذراع ووقف باذن الله وبقيت البوارى عليها غبار حول القبر!.
ذكر ذلك عن قبر احمد، ولم يخبر بمصير قبر ابى حنيفه او الشيخ عبد القادر الجيلانى وكلاهما في بغداد، ولعله راى ان ذلك من مسووليه الاحناف والصوفيه!.
وثم احداث كبيره كان سببها التعصب المذهبى، فحجر الملك الاشرف الايوبى على العز بن عبدالسلام شيخ الشافعيه، انما كان جراء خلاف بينه وبين الحنابله الذين استمالوا الملك الاشرف واقنعوه ان قولهم قول السلف وان العز بن عبدالسلام زائغ عن الصراط.
مخ ۲۵