8

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

خپرندوی

دار الفكر العربي

شعواء؛ ورماهم بالشعوذة، وإفساد النفوس؛ وأنكر عليهم ما ينشرونه بين أتباعهم من التوسل بالأولياء والصالحين، وعد ذلك من قبيل اتخاذ المخلوقين شفعاء للخالق ليقربوهم إليه زلفى، كما كان يقول المشركون فيما حكاه الله عنهم إذ قال: ((ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)) شدد ابن تيمية النكير، وبالغ في التشديد، ولم يترك مجالا يمكنه أن يعلن فيه ترهات بعضهم إلا أعلنها، واشتد اللجب في الخصومة بينه وبينهم، والتقوا للمناظرة والمجادلة، وما كان يخفى أمراً من أمرهم، فما كان يخفى في نفسه شيئاً لا يبديه لهم؛ بل إنه ذهبت جرأته إلى أن يعلن على رؤوس الأشهاد أنه لا يصح الاستغاثة بأحد من الخلق؛ ولا بمحمد سيد الخلق، وجأر بذلك في الجموع الحاشدة؛ ولم يفرق في إعلان آرائه بين العامة والخاصة، فهو يقول للعامة ما يقول للخاصة؛ لأنه يعتقد أنه دين، وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلزمه إرشاد كل ضال في اعتقاده، سواء أكان من العامة أم من الخاصة، بل إن هداية العامة ألزم؛ لأن العالم مسئول عن إرشادهم؛ وإن ضلوا وهو يستطيع الإرشاد وإنارة السبيل فعليه وزر من وزرهم؛ فإنه كان يأخذ بقول علي رضي الله عنه: ((لا يسأل الجهلاء لمَ لمْ يتعلموا، حتى يسأل العلماء لِمَ لَمْ يُعَلِّمُوا)).

٥- واسترسل في إعلان آرائه استرسال العالم العريق الوثيق في حجته، وقد آتاه الله لساناً مبيناً، وقلباً حكيماً، وقلباً عليماً؛ ولم يكتف بما سبق، بل هاجم الشيعة هجوماً عنيفاً بقلبه وقلبه ولسانه؛ لأنه حسبهم مالئوا خصوم الإسلام من الصليبيين على المسلمين، وكشفوا عورات المؤمنين؛ وحسبهم مالئوا التتار على السكان الآمنين، ومكنوهم من رقابهم وبلادهم وأرضهم يعيثون فيها فساداً؛ جرد عليهم ذلك الفارس الذي حارب التتار بسيفه، قلباً غضباً ولساناً حاداً، وأخذ يرد أصولهم؛ ويدحض حججهم غير وأن ولا كسل؛ ودون الرسائل الكاشفة، وقد رأى في حال الشيعة الذين عاصروه من الباطنية والحاكمية وحال النصيرية، وطرائقهم السرية ما جعله هو وسائر المعاصرين يتظنون فيهم

7