76

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

خپرندوی

دار الفكر العربي

السلطان؛ وأمر العلماء بإرشاد ذوي السلطان ما أمكن من الإرشاد، فبإشارة ابن تيمية ولى الناصر نائب طرابلس سنة ٧١١.

ولما استبد بعض الحكام الظالمين بأهالي دمشق وظلمهم وفرض عليها أموالاً كثيرة؛ ولم يجد اعتراض العلماء، بل أهانهم وضرب بعضهم، وبلغ ذلك ابن تيمية تقدم للسلطان بشكواهم، وبإشارته عزل الوالي المستبد وحبسه.

وقد كانت الرشوة في الولاية كثيرة في الشام وغيرها، فما زال ابن تيمية بالناصر، حتى كتب كتاباً يشدد فيه النكير على ذلك وجاء في هذا الكتاب، ((لا يولى أحد بمال ولا برشوة فإن ذلك يفضي إلى ولاية غير الأهل)).

وكانت أمور الناس في القصاص فوضى، يتولى أولياء المقتول القصاص من غير أمر الحاكم، فأمر السلطان بإشارة ابن تيمية بأن القاتل لا يجنى عليه، بل يتبع، حتى يقتص منه بحكم الشرع الشريف.

وهكذا كانت صلة تقي الدين بالسلطان مصدر هداية للحاكمين، وينبوع رحمة للمحكومين، وهكذا تكون صلة العلماء بالأمراء؛ كما كان الشأن في صلة مالك رضي الله عنه بأمراء المدينة في عهده.

عودة الشيخ إلى الشام

٨١- كانت رحلة الشيخ إلى مصر ميمونة، وإن كانت شاقة ومجهدة، وكانت مثمرة أطيب الثمرات، وإن لاقى الاضطهاد والحبس؛ وقد تحققت مصالح كثيرة بهذه السفرة المباركة، كما قال ابن تيمية لنائب السلطنة بدمشق عندما نهاه عن السفر وقال له أنا أكاتب السلطان. فقد كان ذلك الأمير ينظر إلى راحة الشيخ، والشيخ ينظر إلى نفع الناس، وقد صح ما توقعه الرجلان، فطال الشيخ اضطهاد وأذى وتعب؛ ونفع الله به الناس، وهدى وأرشد، وأصلح وقوم، وقدم مثالاً للعالم التقي الذي يبغي الرشد، ويهدي إلى الرشاد؛ وفي سبيل ذلك يلقى الأذى، ويصفح

75