4

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

خپرندوی

دار الفكر العربي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فقد كتبت في الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب التي تقاسمت الجماعة الإسلامية من حيث انتشارها وذيوعها والأخذ بها، وقد أفردت لكل واحد مجلداً فصلت فيه القول في حياته، وعصره، وعلمه وفقهه ومناهج استنباطه، وألقيته دروساً على طلبة قسم الشريعة من الدراسات العليا بكلية الحقوق من جامعة القاهرة.

ولما وفقني الله سبحانه وتعالى إلى إخراج هذه المجموعة الفقهية والتاريخية لجمهرة العلماء والمثقفين في مصر، اتجهت النية إلى دراسة الطبقات التي تلي الأئمة الأربعة من المجتهدين الأحرار، أو المجتهدين المنتسبين إلى مذهب من مذاهبهم؛ وقدمت ذلك على دراسة الأئمة الآخرين كجعفر بن محمد إمام الإمامية، وزيد بن علي إمام الزيدية، وأبي داوود الظاهري، وابن حزم الأندلسي إمام الفقه الظاهري في مصادره وموارده.

وإنما اخترت بعد الأئمة الأربعة دراسة المجتهدين على مناهجهم؛ لأن ذلك دراسة لفقه الجماعة الإسلامية، وتعرف لأدواره، وتقصّ لثمرات ما غرسه أولئك الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة، فهو تكميل لا إنشاء؛ واستمرار لا ابتداء.

وعندما اتجهت ذلك الاتجاه، برز إلى الخاطر إمام شغل عصره بفكره ورأيه ومسلكه؛ فدوى صوته بآرائه في مجتمعه، فتقبلتها عقول واستساغتها، وضاقت عنها أخرى وردتها، وانبرى لمنازلته المخالفون؛ وشد أزره الموافقون؟ وهو في الجمعين يصول ويجول، ويجادل ويناضل؛ والعامة من وراء الفريقين قد سيطر عليهم الإعجاب بشخصه وبيانه، وقوة جنانه وحدة لسانه؛ واعترتهم

3