وهكذا، اتفق لابن سينا - بعد موته على الأقل - شعبية ضخمة وصغرى نواحي المجد. •••
وتعد الكتب التي ألفها ابن سينا،
9
وما لا يزال يوجد منها في مكتباتنا، كثيرة. وقد ذكر لنا الجوزجاني كتب هذا الفيلسوف في غضون القصة التي تركها لنا عن حياته، فجاء ابن أبي أصيبعة وأعاد النظر فيها. وليس من المهم أن ننقل عناوين الكتب التي ذكرها الجوزجاني، وأن نضع قائمة كتبه الموجودة في جميع مكتبات أوربة، فهذا عمل سهل ممل، مع عدم وجود فائدة مباشرة منه لقرائنا، وإنما يجب أن نشير إلى أهم هذه الكتب، وإلى أيها كان موضوع درس من قبل علماء الغرب، فيمكن أن ينتفع بها اليوم لمعرفة فلسفة المؤلف، وسنضيف إلى هذه المعارف تفصيلات كافية ليستطاع تكوين فكرة على شيء من الضبط عن نشاط هذا الرجل العظيم الأدبي.
توجد بين آثار ابن سينا رسائل عامة عن الفلسفة، وأهم كتبه التي هي من هذا النوع هو سفره الضخم المسمى «الشفاء». وقد رأينا أن ابن سينا ألفه دفعة بعد دفعة في أماكن مختلفة، فلما أتمه لخصه في كتاب سماه «النجاة».
ويشتمل «الشفاء» على أقسام العلم الأربعة، وهي: المنطق، والرياضيات، والطبيعيات، وما بعد الطبيعة. وترجم هذا الكتاب إلى اللاتينية باكرا، أو نقل بعضه إلى هذه اللغة، وكان من غير الصحيح في ذلك الحين ترجمة كلمة «الشفاء» بكلمة
Sufficientiae ،
10
ويلاحظ في طبعة لاتينية واسعة لابن سينا، نشرت في البندقية، أن قسما مطولا مما بعد الطبيعة هو من الشفاء كما هو ظاهر، وهذه الرسالة - التي عنوانها «إلهيات ابن سينا أو فلسفته الأولى» - مقسومة إلى عشرة أبواب مجزأة إلى فصول، ويظهر أن ترجمتها التي قام بها الراهب الفرنسيسي فرنسوا دو ماسيراتا، وتالي الفلسفة في كلية بارو أنطوان فيسنتينوس، غير خالية من البراعة، ومما يحمد فعله في أيامنا أن تدرس فلسفة ابن سينا في «الشفاء» الذي لا تعد نسخه الخطية قليلة.
ولكن هذه الدراسة الطويلة الشاقة تطالب من يكبون عليها بتجرد كبير من الغرض، وذلك في هذا الزمن الذي قلت فيه حظوة الفلسفة، ولا سيما السكلاسية. ومن الممكن أن يطلع على أفكار ابن سينا بلا عناء، وفي وقت غير طويل، من خلاصة كتاب الشفاء التي صنعها بنفسه؛ أي من كتاب «النجاة»، وكتاب النجاة هذا رائع واضح طافح قوة، وهو سهل المأخذ في طبعته التي تمت برومة سنة 1593، وذلك عقب طبعة «القانون». وقد ترجم قسم المنطق من كتاب «النجاة» إلى الفرنسية، وذلك من قبل بيار فاتيه،
ناپیژندل شوی مخ