ابن سينا فیلسوف
ابن سينا الفيلسوف: بعد تسعمئة سنة على وفاته
ژانرونه
وأخيرا ظهر في مصر 1917م كتاب يدعى «جامع البدائع»، يشتمل على كثير من الرسائل التي وضعها الشيخ، من ذلك رسالة في الحب، وأخرى في طبيعة الصلاة وإثبات وجود الله ووحدانيته وسرمديته ... إلخ.
وله غير ذلك كتاب جليل في السياسة نشره الأب شيخو في مجموعة سماها «مقالات فلسفية قديمة لبعض مشاهير فلاسفة العرب مسلمين ونصارى»، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1911م، وله غير ذلك مؤلفات وقصائد فلسفية كثيرة، حتى إنه كتب في الموضوع الواحد عدة رسائل وشروح لا تختلف بمعناها عن بعضها البعض، والمرجوح أنه كان يفعل ذلك إجابة لطلب المنشغفين بدرس الحكمة، وعلم ربك فوق كل ذي علم. (2) تقسيمه العلوم
إن الشيخ الرئيس قد خاض جميع مواضيع المعرفة البشرية المنتشرة في أيامه، وقسم العلوم إلى عليا وسفلى ووسطى؛ فالعلوم العليا هي ما بعد الطبيعة أو الفلسفة الأولى التي موضوعها الوجود المطلق بما هو مطلق مجرد عن المادة ولواحقها؛ والسفلى تدرس المادة وتختص بها وتلازمها وتدعى الطبيعيات؛ والوسطى هي مزيج من العلوم العليا والسفلى؛ أي تتعلق بالمادة من جهة، وتتجرد عنها من جهة أخرى، وتعرف بالرياضيات.
والعلوم كلها بمعنى الفساحة تشتق من الفلسفة الأولى، وتعاون بعضها على ثلاثة وجوه؛ إما أن يكون أحد العلمين تحت الآخر فيستفيد العلم السافل مباديه من العالي؛ مثل الموسيقى من العدد، والطب من الطبيعي، وإما أن يكون العلمان متشاركين في الموضوع؛ كالطبيعي والنجومي في جرم الكل ؛ فأحدهما ينظر في جوهر الموضوع كالطبيعي، والآخر ينظر في عوارضه كالنجومي، فيكون الناظر في جوهر الموضوع يفيد الآخر المبادئ؛ مثل استفادة المنجم من الطبيعي أن الحركة الفلكية يجب أن تكون مستديرة، وإما أن يكون العلمان متشاركين في الجنس، وأحدهما ينظر في نوع بسيط كالحساب والآخر في نوع أكثر تركيبا كالهندسة؛ فإن الناظر في الأبسط يفيد الآخر مبادئ كما يفيد العدد الهندسة،
3
وفي هذا التقسيم ترتسم خطة المعلم الأول.
لم يك أرسطو يعتقد كتلاميذه المعاصرين أن الفلسفة تدرس الأشياء بعللها العالية؛ بل كان يصرح بأن الفلسفة هي نوع من الموسوعات تحتوي سائر العلوم؛ العليا والسفلى والوسطى، وعلى هذا المنوال نسج ابن سينا، ثم قسم الفلسفة إلى نظرية وعملية؛ الأولى: تشمل الحساب والطبيعيات وما وراء الطبيعة، والثانية: تنظر في الخلقيات والاقتصاد والسياسة، إلا أن أرسطو قد حول أنظاره إلى القسم الطبيعي وعالجه معالجة دقيقة، واكتشف براهين جديدة نقض بها مزاعم الفلاسفة المتقدمين. أما الرئيس أبو علي فإنه لم يتحفنا بشيء من ذلك، ولو كان قد تبحر كثيرا في هذا الفرع، وكذلك لم يتوسع في تشريح جزء الفلسفة العملي.
من هذا التقسيم نعرف أن فيلسوفنا كان يؤمن بأن الحكمة الأولى هي أسمى العلوم، ولعله قال بذلك لكثرة ما كلفه تفهمه لها من المصاعب والمشاق.
الفصل الرابع
منطق ابن سينا
ناپیژندل شوی مخ