ابن الرومي: ژوند یې له شعرونو څخه
ابن الرومي: حياته من شعره
ژانرونه
فيغلب على الذين يحصرون الفضل في العصر وحده أنهم يدعون إلى الاجتماعية والاشتراك في مرافق الأمة، فيقللون من شأن الأفراد في الوصول إلى حظ من حظوظ العلم والمال بغير مساعدة المجتمع ومؤاتاة الحوادث.
ويغلب على الذين يحصرون الفضل في الفرد وحده أنهم ينازعون أصحاب ذلك الرأي، وينظرون إلى تفنيده وتوهينه لإبطال ما يدعو إليه .
فهم مخطئون وأصحابهم أولئك مخطئون، ولا يرجى الإخلاص وصدق التحري في فكرة مسخرة تساق في ذيل مذهب تعتمد عليه، أو يعتمد هو عليها، فلا العصر هو كل شيء، ولا الموهبة الفردية هي كل شيء. والأمر الذي لا مراء فيه هو أن العصر لا يخلق الموهبة إذا هي لم توجد في صاحبها، وأن بعض العصور من الجهة الأخرى أصلح لإظهار المواهب والعبقريات.
ثم إن العصر إذا لم يخلق الموهبة خلقا، فهو بلا ريب يوجهها ويهيئ لها أسباب تمامها واستوائها، بحيث يسهل علينا أن نفهم كيف أن عبقرية من العبقريات تهتدي على وجهتها في زمن، ولا تهتدي إليها في زمن آخر، وكيف أن رجلا يكون صانعا في هذا العصر أو ذاك، وهو لو ولد في غيره لكان من الأدباء أو السواس.
ولا فائدة هنا من البحث في مصير ابن الرومي: ماذا كان يلقى؟ وماذا كان يصبح لو أنه ولد في غير القرن الثالث للهجرة؟ فقد ينبغ أو لا ينبغ، إلا أن المحقق عندنا أنه في أي عصر ظهر لا يكون إلا شاعرا، أو صاحب عمل فني بسبيل من الشاعرية؛ فقد نتخيل أبا تمام مثلا قاضيا، والبحتري عاملا، والمتنبي وزيرا، والمعري فقيها، والشريف خليفة أو إماما من أئمة الطرق، وقد نتخيلهم جميعا ظاهرين بارزين في غير هذه الأعمال التي يزاولها أبناء الدنيا، ويفلحون فيها على درجات من الفلاح، فهم يصلحون لها ولغيرها بعض الصلاح، وإن كانوا مع هذا شعراء وذوي قدم في مناهج الشاعرية.
أما ابن الرومي فهو لا يصلح إلا للشعر وما إليه، ولا ينفعه العصر إن لم ينفعه في هذا المجال، فإذا تمهد له الشعر فقد استوى على نهجه، وإذا لم يكن شاعرا فهو لا شيء.
والعصر الذي عاش فيه كان صالحا لظهور ابن الرومي أيما صلاح: كان صالحا لظهور ابن الرومي الشاعر؛ لأنه كان عصرا حيا حافلا بأشتات الحياة وألوان الإحساس مشغولا بالشعر والعلم، وكل ما تشتغل به قريحة أو سليقة، وكان فيما عدا ذلك عصر الموالي، أو عصرا للموالي فيه نصيب وافر من التعلم والتأدب والتربية التي تعد صاحبها للسبق في كل مضمار، كان لهذا عصرا صالحا لظهور ابن الرومي الشاعر الذي لا متقدم له في غير الشاعرية.
ولكن أتراه كان ذلك عصرا صالحا لظهور ابن الرومي «الرجل» الذي لم تبق منه الشاعرية بقية لمسعاة ولا لتصرف؟
لا، لم يكن ذلك العصر صالحا لابن الرومي الرجل كما كان صالحا لابن الرومي الشاعر، بل لم يكن ذلك العصر إلا عصر مضيعة له ولأمثاله الذين خلقوا في هذه الدنيا وكأنهم أطفال في حجر الفن، لا يكفلون أنفسهم إن لم تلحظهم من الدنيا كفالة ساهرة.
فكانت قسمته تلك من غرائب القسم التي تتنازع الإنسان بين النقيضين كأنه جسم مشدود للتعذيب بين قطبين متجاذبين.
ناپیژندل شوی مخ