200

ابن الرومي: ژوند یې له شعرونو څخه

ابن الرومي: حياته من شعره

ژانرونه

ونعود إلى الوزراء والرؤساء لنبحث عن نصاب الجائزة عندهم، وغاية ما يصلون به الشاعر إذا رضوا عنه، وبالغوا في عطائه، وليس يطول بنا البحث في هذا؛ لأنه واضح من الحديث الذي جرى بين البحتري وابن الرومي، حيث يقول البحتري: «أقرأني أبو عيسى بن صاعد قصيدة لك في أبيه، وسألني عن الثواب عنها فقلت: أعطوه لكل بيت دينارا.» فكأن هذا غاية ما يرتقي إليه الموصي بجائزة، وغاية ما كان ينتظره ابن الرومي من شفاعة متشفع يتودد إليه. وابن الرومي نفسه قد عين نصاب هذه الجوائز تعيينا في بيت يخاطب به علي بن يحيى المنجم يقول فيه:

وما المائة الصفراء منك ببدعة

ولا من أخيك الأريحي أبي الصقر

يعني مائة دينار، فهي إذن غاية الغايات من جوائز الأمراء، ولا بد أن يحسب في هذا التقدير حساب مبالغتين مفروضتين في هذا المقام هما مبالغة الطمع، ومبالغة الثناء، بل حساب مبالغة أخرى صريحة في البيت، وهي أن الإنعام بمائة دينار كان أقصى ما تسمو إليه الأريحية، وكان بدعة في ذلك العصر من غير هذين الممدوحين، فمن الرؤساء - على هذا - من كان يجيز الشاعر - إن أجازه - بعشرين دينارا وعشرة دنانير، وما فوق ذلك وما دونه، وكانت هذه هي السنة الشائعة والنصاب الذي جرى عليه العرف بين معظم الرؤساء ومعظم الشعراء.

وأنت تقلب ديوان ابن الرومي، فتقرأ فيه عشر قصائد في الشكوى والتذكير والاستبطاء والإلحاح والإنذار والهجاء إلى جانب قصيدة واحدة في المدح الخالص من العتاب والاستنجاز، فلنقدر أنه نجح في مائة قصيدة، وأخذ عليها مائة جائزة، فمحصل ذلك كله لا يزيد على ألفي دينار مع التسهل في عدد الجوائز ومقدار الدنانير. وألفا دينار يتلقفها الشاعر في نحو أربعين سنة ليست بالرزق الرخي، ولا بالوقاء من العوز والدين في مدينة الغلاء، وعصر البذخ والإسراف، ودع عنك أنها تجيء متقطعة ممنونة لا يعرف لها موعد، ولا توافق أوقات الطلب والحاجة.

ذلك نصاب الجوائز عند الرؤساء والوزراء إذا رضوا وسمحوا بالعطاء، فأما الحظوة عندهم فلم تكن من قسمة ابن الرومي في أكثر الأوقات، وإن أكثر وإن أجاد وإن أفرط في التزلف والاسترضاء، فما أكثر ما كانوا يتجنون عليه، ويستخفون به ، ويتمحلون العلل الواهية لحرمانه وجفائه والقدح في شعره! فهذا إسماعيل بن بلبل مدحه بقصيدة معدودة في شعر المدح العربي من أقدم أزمانه إلى أحدثها، فتجهم له وضن عليه، ولأي ذنب؟ لأنه قال فيها:

قالوا: أبو الصقر من شيبان قلت لهم:

كلا - لعمري - ولكن منه شيبان

وأي شيء في ذاك؟ فيه - كما زعم - أنه هجاه، وأنكر عليه ما ادعاه من نسبه! فقيل له: هذا من أحسن المديح، فاسمع ما بعده:

وكم أب قد علا بابن ذرى شرف

ناپیژندل شوی مخ