179

ابن الرومي: ژوند یې له شعرونو څخه

ابن الرومي: حياته من شعره

ژانرونه

عاش ابن الرومي حياته كلها في بغداد، لا يفارقها قليلا حتى يعود سريعا، وقد نازعه إليها شوق وغلبه نحوها حنين، وكانت بغداد يومئذ عاصمة الدنيا غير مدافع: فيها كل محاسن العمار الواسع وعيوبه، وكل رفاهة العمار الواسع وشقائه؛ قصور تبلغ النفقة على بنائها وتأثيثها ألوف الألوف، ومتاجر يؤمها أصحاب القوافل من أقصى المشرق وأقصى المغرب، ومدارس ومكاتب وحلقات للمذاكرة يجلس فيها الأئمة في كل فرع من فروع العلم والأدب، وإلى جانب ذلك بيوت في كل منزه، ومرتاد على النهر أو في الخلاء للهو والمعاقرة والسمر يغني فيها القيان، ويرقص الجواري، ويغشاها العلية والسواد، ويسكت عنها الخلفاء حينا، فتكثر وتعمر أو يغضبون عليها فيبعدونها إلى حيث تغيب عن الأنظار، ولكنها لا تغيب عن الطلاب والرواد، ومن وراء ذلك أحياء منبوذة يكمن فيها اللصوص والمغتالون يتألبون على نقب الدور، وحمل الخزائن، واستدراج الموسرين على نحو ما نقرأ عن عصابات الإثم والجريمة في عواصم هذا الزمان، فإذا تصفحت أخبار بغداد بما اشتملت عليه من جمال وشناعة وبذخ وفاقة واحتيال على طلب المال والمتعة من كل مطلب، وانصراف إلى السرور والرغد في كل وجهة، فكأنك تتصفح أخبار الغرائب في عواصم الدنيا التي تسمى اليوم باريس وبرلين ولندن وشيكاغو ونيويورك.

وهذه العواصم كافة لا تطيب فيها إقامة إلا بمال، أما بغداد خاصة فكان ساكنها أحوج إلى المال من ساكن العواصم الحديثة؛ لأنها كانت عرضة للغلاء في القرن الثالث لاضطراب الأمور في الجهات التي كانت تميرها، وانقطاع الوارد عنها حينا بعد حين، فإذا وقع فيها الغلاء ندر الخبز، وارتفع سعر الدقيق، وكان ما وصفه ابن الرومي في بعض شكاياته:

أحسن ما كان الدقيق موقعا

من رجل أفلس حتى أدقعا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

وأصبح القوم البطان جوعا

وخشي الجائع ألا يشبعا

وهي إذا لم تغل لم ترخص، ولم يستغن طالب المعيشة فيها عن بعض اليسار، كما قال بعض الشعراء:

سقى الله بغداد من جنة

غدت للورى نزهة الأنفس

على أنها منية الموسر

ناپیژندل شوی مخ