96

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

خپرندوی

دار الفكر العربي

د خپرونکي ځای

القاهرة

١١٥ - ترك ابن حزم السياسة يائساً من اجتماع الأمر لأحد، ثم انقطعت من بعد ذلك الدولة الأموية نهائياً سنة ٤٢٢ وانتثر الأمر، وانقسم الفردوس، وقد وصف ذلك المقرى، فقال:

((انقطعت الدولة الأموية من الأرض، وانتثر سلك الخلافة بالمغرب. وقام الطوائف بعد انقراض الخلائف وانتزى الأمراء والرؤساء من البربر والعرب والموالى بالجهات، واقتسموا خطتها، وتغلب بعضهم على بعض. واستقل أخيراً بأمرها ملوك استفحل أمرهم، ولاذوا بالجزى يدفعونها الطاغية (أى كبير النصارى) أن يظاهر عليهم أو يبتزهم ملكهم وأقاموا على ذلك برهة، حتى قطع عليهم البحر ملك العدوة وصاحب مراكش أمير المسلمين يوسف بن تاشفين اللتمونى: فخعلهم وأخلى منهم الأرض))(١)

وفى عهد هؤلاء الطوائف الذين كان بعضهم يدفع لطاغية النصارى إتاوة عاش ابن حزم، ومن أشهر هؤلاء بنو عباد ملوك أشبيلية الذين حرق ثانيهم المعتضد كتب ابن حزم، ومنهم بنو جهور بقرطبة، حتى اندغم ملكهم فى ملك المعتمد بن عباد، وغير هؤلاء من ملوك الطوائف كثيرون. وكان أظهرهم بنو عباد.

١١٦ - هذه هى حال الأندلس فى عصر ابن حزم، ملك قوى أولاً لم يذقه إلا فى نعومة أظافره، ثم اضطراب وفتن عكرت صفو شبابه ثانياً ثم انقسام وانتثار للعقد، وخضوع وصغار لأعداء الإسلام، حتى دفعت الإتاوات لطاغية النصارى واستمرت تلك الحال حتى وفاته.

وليس بعجيب إذن أن ينصرف ابن حزم عن السياسة. لقد زهده فيها فى شبابه فتن البربر، واستعانة المتزعمين بالنصارى، ولما أراد أن يصلح الأمر بمعاونته بعض الأمراء الأمويين، ولم يواته الزمان، فانصرف عن السياسة إلى العلم فكان للعلم وحده نحواً من ست وثلاثين سنة،

ولا نرى ماذا يكون أمر ابن حزم لو واتته أمور السياسة، وما الذى

(١) نفح الطيب ج ٤ ص ٥٩ طبع الرفاعى.

96