89

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

خپرندوی

دار الفكر العربي

د خپرونکي ځای

القاهرة

٤ - عصر ابن حزم

١٠٦ - مثل العصر في توجيه العالم، أو التأثير فيه كمثل أثر الهواء والشمس في نمو النبات والحيوان، فإذا كان الحي يتغذى من الهواء الذي يتنفسه، ويستفيد من أشعة الشمس التي يعيش فيها، فكذلك العالم يأخذ من عصره، ويتأثر بعصره، ولا يلزم من تأثر العصر أن يكون العالم مجاوباً روح العصر مجاوبة تامة بحيث لا ينتج شيئاً إلا إذا كان موافقاً لما كان عليه العصر، بل إن المخالفة لعلماء العصر تكون أحياناً أكثر دلالة على المجاوبة من الموافقة، وقد رأيت فيما مضى أن ابن حزم خالف منهاج الفقهاء والمحدثين، فكتب رسالة في الحب والمحبين، كما كتب رسائل في الأخلاق ومداواة النفوس، وقد كان في كتابه هذا مجاوباً لروح العصر الذي كثر فيه الغزل، وجرى في شعر الشعراء، ونثر الناثرين، حتى لقد وجدنا بنات الأمراء يجرين في شعرهن غزل، مع أن ذلك لم يكن مألوفاً عند نساء العرب في الإسلام؛

وإنا لا نجد عالماً كان واضح المجاوبة بينه وبين عصره كابن حزم، فكتاباته الفلسفية الخلقية وتحليله للنفوس، وكتابه مداواة النفوس، كل هذه الكتب أو الرسائل هي مجاوبات فكرية بينه وبين روح الاجتماع في ذلك العصر، وروح السياسة والعلم فيه.

ولذلك وجب علينا أن نتكلم في عصر ابن حزم عن أحوال السياسة وأحوال الاجتماع، والحركة العلمية، ولقد تصدى ابن حزم لمناقشة الفرق الإسلامية في كتابه الفصل، فوجب أن نتكلم في الفرق التي جادلها بإنجاز لنكون على بينة من أقواله التي ناقش فيها هذه الفرق المختلفة:

ولنبتدئ بالكلام عن الأحوال السياسية :

89